والشمول ، وبعد ثبوت السريان الطبعي لمفهوم هذه الكلمة اذا أتى بها المتكلم الذي يتكلم على مقتضى قوانين المحاورة ولم يقيد الكلام بقوله : الى أن يفسقوا او العدول او لا الفساق منهم او لا تكرم الفساق منهم ، فلا بد عليه أن يريد من قوله : أكرم العلماء ، كل عالم ، ثم ان قيد المجموعة او البدلية أيضا خارج عن صميم ذات المفهوم ، فاذا كان غرضه اشتراط اكرام كل واحد بدلا عن الاخر ، لزمه أيضا التقييد بقوله : أكرم العلماء واحدا بدل الاخر او جمعا بدل جمع ، وفي مثل أكرم العالم ، لزمه أن يقول : أكرم العالم أي عالم كان ، فالمقام هو الذي يتكفل لافهام العموم او الاستغراق ، وحينذاك يكون تقسيم العام الى الاستغراقي والمجموعي والبدلي صحيحا باعتبار المعنى المقصود من الكلام ، لا لانها مدلولات للصيغة.
فتلخص ان اصالة العموم واصالة الاطلاق انما هما أصلان مقاميان ، والقول بانهما أصلان لفظيان ، نشأ من توهم وضع صيغ للعموم ، وان صح هذا التعبير بلحاظ أنه لو لم يكن اللفظ مجردا عن القيد لم يفهم العموم ، فالعموم مستند الى اللفظ لا محالة ومهما كان الامر يكون العموم مستفادا من المقام لا اللفظ ، فالتخصيص لا يوجب التصرف في اللفظ بأن يصرفه عن مدلوله اللغوي حتى يكون مجازا ، ويتفرع على هذا أيضا أن العام حجة في الباقي لا من جهة انه مستعمل فيما وضع له بتقريب أن الباقي أيضا عام ، بل لما عرفت من أن العموم ليس جزءا المدلول الصيغة ، فالمفهوم قابل للتطبيق على الباقي ، لكونه بعد التخصص محفوظ الاقتضاء بالنسبة الى البقية ، فبحكم قانون المحاورة لا بد أن يكون مرادا للمتكلم بالارادة الجدية.
الثالثة : هل التخصيص تصرف في اللفظ او في المقام؟
بعد ما تبين أن اصالة العموم انما هي أصل مقامي في المحاولات والاخذ بها أخذ بما استقرت عليه طريقة العرف في باب تفهيم المقاصد ، نقول : ان