وأما الاضافة فهي ربط بين المضاف والمضاف اليه ، ومن البديهي أن سعة المضاف وضيقه تابعان لسعة المضاف اليه وضيقه ، فلا فرق بين قولك : نقد البلد وبين قولك : نقدي ، من جهة المضاف والاضافة ، وانما الفرق في المضاف اليه عموما وخصوصا ، فتبين أنه لا صيغة للعام وضعا.
الثانية : اختلفوا في أن التخصيص هل هو مجاز في كلمة العام أم لا؟ وفي أن العام المخصوص هل هو حجة في الباقي وان كان مجازا لانه أقرب المجازات الى العام أم لا؟
وبعد ما عرفت أنه لا صيغة للعموم وأن المراد التطبيقي انما هو العموم المستفاد من اطلاق الكلام ، فالتحقيق ان هذه الابحاث سوالب لا موضوع لها ، وتوضيح ذلك أن من البديهي أن المدار في عالم تفهيم المقاصد على الالفاظ ، ومن البديهي أيضا أن للقرائن الكلامية وان لم تكن لفظية دخلا في تفهيم المقاصد فتفهيمها ليس محصورا بالالفاظ الموضوعة لمعانيها ، وعلى هذا فالكلام باعتبار الاختلاف في سنخ التفهيم يتنوع الى أقسام خمسة :
الاول : ما يكون تفهيم المقصد بسبب اللفظ المستعمل في معناه الحقيقي ، كقولك : ائتني بالماء ، مريدا به الاتيان الخارجي للجسم السيال البارد بالطبع ، نعم ربما يطبق المعنى الحقيقي على فرد تنزيلي ، كقولك للرجل الشجاع : هذا أسد ، وهذا هو المجاز العقلي الذي حققه السكاكي.
الثاني : ما يكون تفهيم المقصد بسبب اللفظ المستعمل في غير معناه الحقيقي كقولك : رأيت أسدا ، مستعملا كلمة الاسد في غير الحيوان المفترس ، وهذا هو المجاز في الكلمة.
الثالث : ما اذا كان المراد الجدي من لوازم أو ملزومات أو ملازمات ما استعمل اللفظ فيه اذا كان حقيقة ، بل وان كان مجازا وهذا هو الكناية فيقول : زيد كثير الاحباب ، مريدا بذلك انه جواد او حسن الخلق.