واما الثاني : فقد خالف فيه الجمهور ومعظم المجتهدين من اصحابنا فانهم حكموا بتواتر القراءات السبع ، وتجوز القراءة بكل واحدة منها في الصلاة ، فقالوا ان الكل مما نزل به الروح الامين على قلب سيد المرسلين ص وآله وربما استدلوا عليه بما روى من قوله نزل القرآن على سبعة احرف وفسروها بالقراءات مع انه ورد في الاخبار عن ابي الحسن الرضا عليهالسلام رد هذا الخبر وان القرآن نزل على حرف واحد ، على ان جماعة من العلماء فسروا الاحرف السبعة باللغات السبع كلغة يمن وهوازن واهل مصر ونحوها ، لان في الفاظه ما يوافق ما اشتهر من هذه اللغات في اصطلاح اربابها.
واما الاعتراض بأن ما ذكرتم من وقوع التحريف فيه لو كان حقا لازاله امير المؤمنين (ع) في خلافته ، فهو اعتراض في غاية الركاكة لانه عليهالسلام ما تمكن من رفع بدعهم الحقيرة ، كصلاة الضحى وتحريم المتعتين وعزل شريح عن القضاء ومعاوية عن امارة الشام ، فكيف بهذا الامر العظيم لتغليظ الاعرابيين بل تكفيرهم لان حبهما قد اشرب في قلوب الناس حتى انهم رضوا ان يبايعوه على سنة الشيخيين فلم يرض (ع) فعدل عنه الى عثمان (٢). واما الموافقون لنا على صحة هاتين الدعوتين ، فعلى الاولى معظم الاخباريين خصوصا مشائخنا المعاصرين ، واما الثانية فقد وافقنا عليها سيدنا الاجل علي بن طاووس ـ ره ـ في مواضع من كتاب ـ سعد السعود ـ وغيره وصاحب الكشاف عند تفسير قوله تعالى (١) : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ)، ونجم الائمة الرضى في موضعين من شرح الرسالة ، احدهما عند قول ابن الحاجب واذا عطف على الضمير المجرور اعيد الخافض انتهى.
__________________
(١) انعام الآية ٤٦.
(٢) وذلك الشورى.