فرقا فالكلام لغة وصرفا ونحوا وفصاحة وبلاغة كان تاج العلوم في العرب وربما كانت العلوم منحصرة به على ما كان عليه من الشؤون الادبية (ما عدا الكهانة والقيافة والعرافة وهي لا تعد علوما بالحقيقة) وقد جاء القرآن متفوقا على الكلام العربي خلودا ولقد كان لزاما على معتنقي مبادىء الاسلام الالمام بالقرآن قراءة وحفظا وكتابة ودراسة وتعلما لمعارفه وحكمه ومواعظه فكثر الحفاظ والكتاب والمشائخ للقراءة ومؤلفو الكتب المتعلقة بشؤون القرآن.
ومن الواضح ان لكل فن اهل خبرة واهل الخبرة لفن القراءة كانوا على وعي شامل ويقظة كاملة فانتخبوا هؤلاء السبعة ولم يراعوا حتى اساتذة هؤلاء في الاحصاء والعد فذكروا (نافع) اول السبعة واهملوا ذكر استاذه ابي جعفر ، ولذلك لم يكتف جمع كثير بهذا العدد وزادوا ابا جعفر ويعقوب وخلف ولم يكن هذا الانتخاب ايضا جزافا بل كان لما رأوا عند هؤلاء الثلاثة من كثرة القواعد النحوية والتجويدية الهائلة ومن الاسس المتينة في الفنون الادبية والقواعد العلمية فضبطوا قواعدهم واثبتوا قراءتهم الى ان اجتمعت واتفقت اراء جمهور الفصحاء والبلغاء وارباب النحو على قراءة عاصم الكوفي وحيث ان ادق رواته هو حفص اخذوا بروايته دون سائر تلامذته. وبعد استقرار رأي هذه الجماعة الكثيرة على ذلك تفطن آخرون الى ان جعل القراءة منحصرة في قراءة عاصم يؤدي الى القول ببطلان قراءة من قرأ بغير قراءتهم وان كان من كبار الصحابة والتابعين فشق ذلك عليهم وقالوا بأن المدار في صحة القراءة على الاوصاف الثلاثة لا كونها من السبع او العشر ، بل شنعوا على من قال بتواتر القراءات السبع وشددوا القول على من حمل حديث سبعة احرف على تلك القراءات وقالوا بان نزول القرآن كان قبل ولادة هؤلاء فهل القراءة تابعة للنزول او النزول تابع للقراءة؟ هذا اولا ، واما ثانيا فانه يلزم من ذلك بطلان قراءة من سبق زمانه من الصحابة والتابعين