وقد ظهر مما بينا عدم حجية قول اللغوي في باب الاوضاع لعدم علمه بها وتمحض فنه في جميع موارد الاستعمالات من دون اشارة بل ولا اطلاع على كونها نفس الموضوع له او المطبق عليه الموضوع له ، ولذا قلنا : يجب الجهد التام في فقه اللغات لتوقف فهم الاحكام الشرعية.
واما وجه الحاجة الى قواعد النحو وخصوصيات الجمل من تقديم كلمة على اخرى او العكس او الاتيان بضمير المتصل بين المبتدأ والخبر ورعاية القرائن والمناسبات ، فلان تلك الامور دخيلة دخالة تامة في فهم المرادات على ما هي عليه ، ونأتي بمثال واحد وهو ان العلم بكيفية العطف على القريب لم يجز العطف على البعيد ، ولاجل ذلك يكون قوله تعالى (١) : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، ظاهرا في عطف الارجل على الرؤوس.
مضافا الى ان التفكيك بين تلك الجملة والجملة الامرة بغسل الوجوه والايدي وهي قوله تعالى (١) (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ايضا يقتضي عطف الارجل على الرؤوس اذ لولاه للزم عدم حسن الانسجام.
ولذا نفتى نحن الشيعة بوجوب المسح على الرجلين مستدلين بما عليه عرف المحاورة من رعاية القرب والبعد في باب العطف وحينئذ فهل لنا ان نتعجب ممن يعترض علينا بعدم المسح على الخفين وعدم غسل الرجلين؟ ولا يجوز لنا الاعتراض عليه بما يصنعه مما هو خلاف القاعدة واما وجه الحاجة الى العلم بالمصاديق الواقعية للمتشابهات فللحذر عن الوقوع في ورطة الضلال والاضلال بسبب التأويل الباطل في المتشابهات.
__________________
(١) المائدة الاية ٨.