ومقيدا فوجد ان كل عاقل شاهد صدق على وجود العام والخاص والمطلق والمقيد في كافة اللغات ، كما أن كل عاقل يعلم بنفسه ان بيان المقاصد لا يكون دفعيا في جميع الاحيان ، فللآمر ان يقول لخامه يوم الاحد : اصنع طعاما يوم الجمعة لضيوفنا ، ثم يبين في الايام القادمة قبل مجيء يوم الجمعة قيود الطعام وخصوصياته.
واما ان هذه الجهة تؤكد الظهور ولا تمنع عنه فلانه فرق بين قولك : افحص عن الخاص ، وبين قولك : اترك العام بتاتا ، والاول تمهيد للعمل بالعام ، وبالجملة العلم الاجمالي بوجود العام والخاص والمطلق والمقيد في القرآن ليس الا نظير هذا العلم في كلام كل متكلم من حيث اقتضائه لزوم الفحص عن المخصص والمقيد ، ولا يوجب ذلك عدم حجية ظهور العام في العموم بل توارد الخصوصات على عام واحد لا يمنع حجيته في الباقي وان قبلنا بأن العام المخصص مجاز في الباقي فكيف اذا لم نقل بذلك كما هو مقتضى التحقيق الذي نشير اليه هنا ، ونقول :
ذهب أعاظم علم الاصول الى ان للعام صيغة تختص به ومثلوا له بأمثلة منها الجمع المحلي باللام كالعلماء ونحن اذا رأينا ان كلمة ـ العلماء ـ تنحل الى امور ثلاثة : (١) حرف التعريف ، وشأنه الاشارة اما الى مدخوله من حيث المفهوم واما الى مطابق (بفتح الباء) مفهومه المعهود ذهنا وهو الوجود الخارجي للمفهوم بشرط عدم لحاظ خصوصيات مصاديق ذلك المفهوم العام وهو الذي يعبر عنه في علم الاصول بوجود السعي باعتبار سعته الخارجية تقول : ادخل السوق واشتر اللحم ، واما الى مصداق مفهومه المذكور سابقا ، واما الى مصداقه الخارجي وليس شأنه أزيد من ذلك. (٢) مبدأ الجمع وهو في المثال ـ ع ـ ل ـ م ـ ومن الواضح ان مفهوم هذه الحروف المترتبة بشرط تهيئتها بهيئة المصدر ، عبارة عن صفة وجدانية من دون افادة السريان والشمول. (٣) هيئة الجمع وهي : العارضة على ع ـ ل ـ م ـ وهذه وظيفتها ليست الا