قال علي (ع) : وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا (واطلاق المعية يشمل العلمية والعملية).
وهذه الطائفة تدل على تنويع الايات الى نوعين : المحكم والمتشابه وللمتشابه تأويلان : صحيح وباطل ، والصحيح مودع عند خزنة علم الله وامناء سره وحافظي وحيه عليهالسلام فلا بد من الرجوع الى اقوالهم للعلم بالمؤول الواقعي الصحيح وتميزه عن المؤول الباطل الخيالي.
الرابعة : ما تدل على ان في القرآن ناسخا ومنسوخا وعاما وخاصا ومطلقا ومقيدا ، وعليه فلا بد في الاخذ بالظواهر المطلقة من حيث الزمان والافراد والقيود من العلم بخلوها عن الناسخ والخاص والمقيد ، اما ترى ان الصادق عليهالسلام اعترض على الصوفية ، المفسرين للقرآن بجميع شؤونه ، واحتج عليهم بقوله : الكم علم بناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه؟ (وبمضمونه الحديث ٣٤ و ٣٩ في الباب ١٣ من ابواب صفات القاضي من الوسائل).
واما الجواب عن تلك الطوائف من الاخبار فقد عرفت ان المراد من ضرب القرآن بعضه ببعض في الطائفة الاولى هو تقطيع الايات ثم تلفيقها تشهيا واقتراحا بمعنى خلق آية من الايات وجعلها مدركا لمذهب باطل او مسلك فاسد أو رأي سخيف ونحو ذلك. والا فأي عاقل يمنع عن التمسك بظهور قوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)، في الاطلاق أو بفحوى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) لحرمة الضرب والجرح ، او بظاهر قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) في الوجوب ، فما دل على حرمة ضرب القرآن بعضه ببعض لا يشمل الظواهر الواردة في القرآن الراجعة الى المعارف الحقة ـ كسورتي الاخلاص والحديد ـ او الاحكام او الاخلاق او النظم الاقتصادية او الاجتماعية.