تمامها بقطعة آية اخرى او تمامها ويجعلون الملفق من الايات وابعاضها دليلا على مسلكهم وبرهانا على مذهبهم ، فيستدل الاشتراكي بقول الله تعالى : والارض وضعها للانام ، ويقطعه عما قبله وعما بعده ، ولا يلاحظ سوق الكلام ويقول باشتراك الكل في ملك الارض ، وقد يروم بعض الغفلة بترويج هذا المسلك الوعر الضال المضل ببيان ان النضج الفكري والارتقاء المعنوي يقتضي مثل هذا التلفيق ، وملخص القول في معنى ضرب القرآن بعضا مع بعض على حسب ما يهواه المركب وربما يرجع هذا المعنى الى التأويل الباطل وان لم يكن منه في الحقيقة ، كما سيتبين فيما بعد ان شاء الله تعالى.
ثم ان هذا الحديث لا ينافي ما ورد من ان القرآن يفسر بعضه بعضا لانه ناظر الى الحكومة التفسيرية او دلالة الاقتضاء من دون اعمال شخصية او ذوقية حسب التشهي في ذلك التفسير ، وبيان ذلك ان معنى الحكومة ان يكون للاية الحاكمة نظر الى الاية المحكومة عليها ولا بد في تلك الحكومة من موافقة طباع العرف عليها ، فتحكيم آية اخرى بالحكومة التفسيرية نحو جمع عرفي حسب المحاورة لا ربط له بالتفسير من تلقاء النفس وحسب تشهيها بان يجمع بين آية واخرى من دون مناسبة طبيعية ومن دون اقتضاء الجمع الدلالي له ويجعل مجموعهما ناظرا الى ما يهوى
كما ان معنى دلالة الاقتضاء ان الجمع بين قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)، وبين قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)، يقتضي عقلا ان يكون اقل الحمل ستة اشهر والجمع المذكور انما هو بالمعنى الاسم المصدري واعنى به ان اجتماع الايتين بنفسهما يقتضي ذلك لا الجمع بالمعنى المصدري اقتراحا من اي احد كان واي شيء اراد.