وجملة القول ، ان العلم الاجمالي انما يؤثر بمقدار تشكيله ، فلا بد وان ينظر الى دائرته سعة وضيقا ، وبعد الفحص عن المخصصات والمقيدات او القرائن التي توجب صرف الظهور فلا مانع من العمل بظواهر القرآن لانه لم ينعقد لنا علم اجمالي اوسع مما يظفر به الفاحص الباحث عنها في الاخبار ، فمن الغريب ان الاخباريين سدوا الباب وقالوا لا حجية لظواهر القرآن مطلقا ، وانما يعرف القرآن محكمه ومتشابهه وعامه وخاصه ، اهل البيت عليهمالسلام وفي مقابلهم الذين افرطوا في الاخذ بما في القرآن من المحكم والمتشابه معا وفتحوا باب التأويل في القرآن كبعض الصوفية لاننا نرى أهل العرفان (على ما يدعونه) منهم ، كلما ارادوا الاستدلال على ما يتخيلونه ويذهبون اليه من المذاهب الفاسدة ، لجؤوا الى الآيات القرآنية بالتأويل لا والتلفيق لاثبات ما يشتهونه من اهوائهم ورغباتهم السخيفة.
ولذا نقول بان الروايات المانعة عن التفسير بالرأي ناظرة الى هؤلاء واشباههم من الذين انحرفوا عن طريق الهدى الى مسير الهوى والردى ، وعدلوا عن الصراط المستقيم الى تيه الضلال ، واعتنقوا مبادي فاضحة ، وعقائد فاسدة ، واتوا باباطيل كاذبة ، ليس لهم عليها من سلطان ، وان العقل السليم يبرىء ساحة قدس القرآن من ان تحومها تلك الشبهات السوداء والخيالات والاهواء.
الثاني :
الاخبار الكثيرة الواردة في باب تفسير القرآن ـ حيث توهموا انها تفيد الردع عن حجية ظواهر الكتاب مطلقا ، حتى لا يكون ظاهر آية او كلمة حجة لو لا ورود الاثر الصريح والنص الصحيح عن المعصومين عليهمالسلام في مفاده ، وقد ذكر جملة من تلك الاخبار صاحب الوسائل (ره) في الباب الثالث عشر من كتاب القضاء في صفات القاضي ونقل عنه القول ببلوغ الروايات المانعة عن حجية ظواهر الكتاب مأتين وعشرين