قوله تعالى فاسق في الصدر ، محكوم بالتعليل في الذيل ، ووجه الحكومة ان العلة لنصوصيتها في بيان ملاك الحكم أقوى من الموضوع وعلى هذا نحن نأخذ بقول الفاسق المتحرز عن الكذب حيث ان فسقه من غير جهة الكذب ، والفسق اذا كان من غير جهة الكذب ـ كشرب الخمر لا يكون سببا للالقاء في المخاطر ، وهذا فيما اذا احرزنا صدقه ، وعلى هذا الاساس قلنا بان الخلل في المذهب لا يكون موجبا لضعف الخبر ، والاخبار المستدل بها على حجية خبر الفاسق لا تكون ـ أيضا ـ دالة على حجية خبر العادل تعبدا ، لان التعليلات الواردة فيها ناظرة طرا الى امور ارتكازية عقلائية وقد اسمعناك ان العلة اذا كانت عقلية كان المعلل عقليا ، واليك نبذ من تلك التعليلات كقوله عليهالسلام : فاسمع له وأطع فانه الثقة المأمون (١).
وقوله (ع) : فانهما الثقتان المأمونان (٢) وقوله : فان في خلافهم الرشاد ، وقوله (ع) : فان المجمع عليه لا ريب فيه ، وانظر الى هذا السؤال والجواب : أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخر عنه ما احتاج اليه من معالم ديني؟
فقال : نعم (٣) : ترى ان قبول قول الثقة ، كان في ارتكاز السائل ثابتا ، وانما سأل عن الموضوع وهو كون يونس ثقة ، وراجع كتاب القضاء من الوسائل ، تجد فيه ما يفيد المقصود ازيد مما ذكر. ونتيجة ما ذكرنا كفاية حكم العقل على حجية خبر الموثوق به من غير حاجة الى التعبد التأسيسي.
الثالث : ملاك الجعل على مذهب العدلية القائلين بلزومه في الجعل
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ص ١٠٠ ، الحديث الرابع.
(٢) نفس المصدر.
(٣) الوسائل ج ١٨ ص ١٠٧ ، الحديث ٣٣.