ونواجه في القرآن مشاهد اخرى من نهاية الحضارات البشرية ، وتعكس صورا متنوعة من عوامل فنائها وسقوطها.
(وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ، وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ. فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ٣٧ ـ ٤٠ / العنكبوت.
هذه لوحة فنية رائعة عن حياة مجموعة من الامم ونهاية عدة من الحضارات البشرية ، ولكل خلاصة العبرة من قصصهم.
هي :
ان الجزاء يكون من سنخ العمل .. والظلم يستدرج صاحبه الى مقصلة الجزاء.
وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون
والظلم انواع ، والجزاء انواع بقدرها ، وكل نوع من الظلم والانحراف له جزاء من نوعه.
فاعظم ظلم اقترفه الانسان كان عبادته لاشياء الحياة وتقديسه لقيم المادة والتراب.
فقوم عاد ارتبطوا بصخور الجبال وشيدوا منها القصور .. وزعموا انها هي وحدها الحضارة التي تجمع كلمتهم وتضمن لهم سعادتهم المنشودة ، وكان جزاؤهم متناسبا مع الصخور ذاتها ، اذ تحولت ادوات الحضارة ، وبواعث غرورهم الى حاصب من السماء .. فدمرهم تدميرا.
وكان غرور قوم ثمود باجراءات امنهم وتحصيناتهم التي زعموا انها كافية لبناء حضارة مادية وارفة. كان ذلك الغرور شر ما انتقم منهم حيث ان الله سبحانه ارسل عليهم صيحة :