فاصبحوا في ديارهم جاثمين ولم تمنعهم تحصيناتهم وملاجئهم من عذاب الله.
هنالك اكتشفوا وبعد فوات الاوان حقيقة مرة أخرى هي :
ان كل الوسائل المادية لن تفيدهم ولن تحميهم ولن تمنع الخالق الجبار ان يقتلهم وهم في قلاع أمنهم ..
وحين ارتبط قارون بكنوز الارض بذهبها وفضتها ومعادنها وزخارفها ، واراد ان يقاوم سنن الحياة بهذا الركام الزائل ، ويجابه مسيرة الحق بكبريائه الزائفة .. كانت النتيجة ان سنن الحياة انتقمت منه وبعبارة اصح :
ان عمله ـ وهو اغتراره بتلك الكنوز ـ هو الذي انتقم منه فدقت ساعة الجزاء وابتلعت الارض قارون مع كنوزه ، وانتهت حضارة الذهب والفضة والحديد حين اكلها التراب.
ولم يبق منه ومن كنوزه سوى شيء واحد .. هو الدرس الذي يجب ان يتعلمه انسان القرن العشرين فيبتعد عن عبادة الذهب والفضة. وتقديس الشكليات .. ويكف عن بناء (حضارة النقود المنهارة).
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
واما عن حضارة الفراعنة
فان اعظم الدروس التي نتعلمها هي ما خلفته لنا حضارة مصر الزراعية حين عبدت النيل واتخذته وليا من دون الله : واخذ اهلها .. يغدقون على النيل نعوتا كهنوتية .. ويقربون لها قرابين بشرية .. ففي كل ربيع كانوا ينتخبون ملكة جمال مصر ثم يلقونها لتغرق في مياه النيل هدية مباركة له وتجنب لغضبه.
ولكن هل نفعت اهل مصر مدينتهم الزراعية.
كلا .. بل اضرتهم ، حيث ان سنة الحياة احاطت بهم.