وقد عاشوا هؤلاء بعد قوم لوط .. وسبقتهم تجارب الاقدام السابقة .. ولكنهم لم يأخذوا العبرة منها ..
وارتكبوا مفاسد من نوع آخر ، هي مفاسد اقتصادية مثل عدم الوفاء بالكيل والميزان .. وعدم تطبيق العدل وابتزاز الحقوق ، وظلم اجور العمال .. وعدم الالتزام بمسؤوليات الاصلاح الاجتماعي.
فالفساد الاقتصادي هذا ناتج عن الانحراف العقائدي ، عدم الايمان بالله واليوم الآخر.
(فَقالَ : يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ، وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ٢٩ / ٣٦ ي.
انهم عبدوا المصالح فابتزوا حقوق الفقراء.
فكذبوه فأخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين.
ونجد في شعيب ذلك الايمان العميق بالله والثقة بعقيدته ، فنجده لا يعتز بغير الله ولا يشعر بغير قوة الله ويسند ظهره الى تلك القوة الازلية المطلقة.
فحينما يستضعفه قومه ويريدون التنكيل به يشعرون ان شعيبا يملك عشيرة قوية فيمتنعون من ايذائه.
قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا ما تقول وانا لنراك فينا ضعيف ، ولولا رهطك ـ عشيرتك ـ لرجمناك وما انت علينا بعزيز.
واذا بشعيب لا يعتز بعشيرته ولا يدخله شعور بالقوة والعزة من قبل عشيرته.
لانه لا يحمل عقلية عشائرية اولا .. ولا يؤمن بغير القوة المطلقة المهيمنة على الكون والحياة ثانيا.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ ، وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) ٩٢ / سورة هود.