من حمأ مسنون ـ أي
الطين المتعفن الاسن ـ اني خالق بشرا من طين.
اذن شاء الله ان
يخلق خليفته وممثله في الارض من مادة ترابية عفنة ، وهي احقر الاشياء واحطها ثم
ينفخ فيها من روحه التي هي اقدس الاشياء واعظمها فاذا سويته ونفخت فيه من روحي
فقعوا له ساجدين.
فالانسان اذن
مخلوق من عنصرين ، من الطين المتعفن ومن روح الله ، كائن نصفه جسد ونصفه روح الاله
، قبضة من تراب الارض ونفحة من النور أي الجسم من الطين والانسان من روح الله
تعالى واطلاق ان الانسان مركب اطلاقا مجازيا. وفي الحقيقة ان نقول الانسان نوراني
من روح الله تعالى وله جسم حيواني اصله من الطين وهذا هو الاطلاق الصحيح لعنوان
الانسان لا غير (ق)
يعني انه كائن ذو
بعدين ، وذو قطبين متضاديين ، بخلاف سائر الموجودات المخلوقة فانها كلها ذات بعد
واحد فقط.
فالانسان له بعدان
، بعد واحد منه يميل به الى الطين وينشد الى التراب ويترسب في الارض ، كما تترسب
الاوحال في قاع البحر فهذه المواد المترسبة تبقى في القعر ولا تتحرك كالامواج بل
تظل راسبة جامدة وهكذا الانسان طبيعته الارضية ميالة الى الترسب والجمود وحب
الراحة والقعود ، والانشداد والتشبث بالارض (ما لَكُمْ إِذا قِيلَ
لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ، أَرَضِيتُمْ
بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ).
ومن جانب اخر
فبعده الثاني هو روح الله ـ بتعبير القرآن ـ يأخذ به الى الصعود والسمو والى
الاعلى ـ بخلاف بعده الاول ـ وبهذه الروح يتمكن ان يصعد ويرتقى الى اعلى قمة يمكن
تصورها والارتفاع البها وهي البلوغ الى الله والى الكمال المطلق ان الى ربك المنتهى.
وهذا السر الاول
لعظمة الانسان ، انه كائن ذو بعدين مادي وروحي ارضي وسماوي ، كائن نصفه جسد ونصفه
روح الله.
فكل انسان له هذان
البعدان ، وبارادته يتمكن ان ينزل الى طبيعته