فلا جعل في سببية هذه الأسباب.
وممّا ذكرنا تعرف الحال في غير المعاملات من أسباب هذه الامور كسببية الغليان في العصير للنجاسة ، وكالملاقاة لها ،
______________________________________________________
امورا اعتبارية أم امورا واقعية (فلا جعل في سببية هذه الأسباب) لمسبّباتها ، فالعقد مثلا سبب للملك والزوجية ، لكن مسببيّته لها غير مجعولة ، لأنها على الأوّل : انتزاع ، وعلى الثاني حقيقة.
ومن المعلوم : ان الحقائق الخارجية كالامور الانتزاعية ليست مجعولة بجعل شرعي ، وإنّما الحقائق الخارجية امور تكوينية ، فان الشارع لم يجعل النار سببا للاحراق بالجعل التشريعي ، كما لم يجعل الأربعة زوجا بجعل تشريعي أيضا وإنّما خلق الأربعة ، والزوجية انتزعت منهما.
ومن كل ذلك تبيّن : ان ما قاله الفاضل التوني من ان الأحكام الوضعية مجعولة في قبال الأحكام التكليفية ، وان الأحكام التكليفية منتزعة من الأحكام الوضعية غير تام.
وإنّما لم يكن تاما لأن الأحكام التكليفية هي المجعولة ، والأحكام الوضعية : اما منتزعة من الأحكام التكليفية كانتزاع الزوجية من الأربعة ، وامّا حقائق كشف عنها الأحكام التكليفية ، فيكون كما إذا قال الطبيب للمريض : اشرب الدواء الفلاني ، حيث يكتشف المريض من أمر الطبيب هذا : ان في بدنه الجرثومة الفلانية التي سبّبت فيه المرض الفلاني.
(وممّا ذكرنا) في أمر المعاملات (تعرف الحال في غير المعاملات من أسباب هذه الامور) المسببة ـ بالفتح ـ (كسببية الغليان في العصير للنجاسة ، وكالملاقاة لها) أي : للنجاسة ، فان الشيء إذا لاقى النجس تنجّس.