كأنّه قدسسره ، لم يلاحظ إلّا الأوامر والنواهي اللفظية البيّنة المدلول ، وإلّا ، فاذا قام الاجماع ، أو دليل لفظي مجمل ، على حرمة شيء في زمان ولم يعلم بقاؤها بعده ، كحرمة الوطي للحائض المردّدة بين اختصاصها بأيّام رؤية الدم ، فيرتفع بعد النقاء وشمولها لزمان بقاء حدث الحيض ، فلا يرتفع إلّا بالاغتسال ،
______________________________________________________
من الأمر ، لأن مطلقه يفيد التكرار ، ومن المعلوم : ان معنى التكرار هو : ان الدليل شامل لكل أجزاء الزمان فلا مجال للاستصحاب أصلا.
لكن يرد عليه : ان النواهي اللّبّية لا إطلاق لها بالنسبة إلى الأزمنة المختلفة ، فاذا شك في وجوب النهي في الزمان الثاني كان مجرى للاستصحاب ، ولذلك قال : (كأنّه قدسسره لم يلاحظ إلّا الأوامر والنواهي اللفظية البيّنة المدلول) حتى جعل النهي واضحا شموله لجميع الأزمنة.
(وإلّا ، فاذا قام الاجماع ، أو دليل لفظي مجمل ، على حرمة شيء في زمان ولم يعلم بقاؤها) أي بقاء تلك الحرمة (بعده) أي : بعد ذلك الزمان (كحرمة الوطي للحائض المردّدة) تلك الحرمة (بين اختصاصها بأيّام رؤية الدم ، فيرتفع بعد النقاء) وان لم تغتسل ، فيجوز وطيها في هذا الحال (وشمولها لزمان بقاء حدث الحيض ، فلا يرتفع إلّا بالاغتسال).
ولا يخفى : ان الاجمال هنا حدث من قوله سبحانه : (حَتَّى يَطْهُرْنَ) (١) للشك في انه هل يراد به الطهر من الخبث ، أو الطهر من الحدث؟ فان الشك هنا موجود حتى وان لم يكن قراءة التشديد.
وكيف كان : فاذا طهرت عن الخبث ولم تغتسل بعد كان مجال استصحاب
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ٢٢٢.