فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل المحكوم ، لأنّ الأوّل رافع شرعي للشكّ المسبّب ، وبمنزلة الدّليل بالنسبة إليه وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله ، زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبّب ، ووجب الرجوع إليه لأنّه
______________________________________________________
وحرمته وجرى أصل الطهارة في الماء لم يبق شك في حليته ، فلا مجال لجريان أصالة الحلية.
وانّما لا مجال لأصالة الحلية لأنّ الأصل السببي الذي هو أصل طهارة الماء لا يدع مجالا للأصل المسبّبي الذي هو اصالة الحل ، فانّ أصل الحل انّما يجري عند الشك في الحلية ومع جريان اصالة طهارة الماء لم يبق شك في الحلية.
وعليه : (فما دام الأصل الحاكم الموافق) للأصل المحكوم كما في المثال الثاني (أو المخالف) للأصل المحكوم كما في المثال الأوّل (يكون جاريا) من دون مانع (لم يجر الأصل المحكوم ، لأنّ الأوّل) وهو الحاكم (رافع شرعي للشّك المسبّب ، وبمنزلة الدّليل بالنسبة إليه) أي : إلى الأصل المسبب ، فكما انّه إذا كان هناك دليل اجتهادي لا يبقى معه مجال للأصل العملي ، كذلك إذا كان أصل حاكم لم يبق معه مجال للأصل المحكوم.
(و) لكن (إذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله ، زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبّب ، ووجب الرجوع إليه) أي : إلى الشك المسبّب ، وذلك كما نحن فيه ، اذ قد عرفت : عدم جريان أصالة الطهارة في هذا الاناء ولا في ذلك الاناء لتعارضهما ولتساقطهما ، فيبقى أصل الطهارة في الملاقي بلا محذور.
وانّما وجب الرجوع الى الاصل المسبّبي (لأنّه) أي : الأصل المسبّبي بعد