أمّا أوّلا ، فلما ذكر.
وحاصله : منع ما في الغنية : من دلالة وجوب هجر النجس على وجوب الاجتناب عن ملاقي الرجز إذا لم يكن عليه أثر من ذلك الرجز ، فتنجسه حينئذ ليس إلّا لمجرد تعبّد خاص.
______________________________________________________
فلا يثبت الّا بدليل مستقل ، وذلك لانّ نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ لا تسري إلى الملاقي ـ بالكسر ـ لعدم الملازمة ، بل ان للشارع حكمين : حكم بالنجاسة الملاقى ، وحكم بنجاسة الملاقي ، والشارع انّما يحكم بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ إذا لاقى عين النجس ، لا المشتبه بالنجس وحيث انّ الملاقى ـ بالفتح ـ هو أحد المشتبهين ، فلا نعلم بانّ الملاقي قد لاقى عين النجس ، لاحتمال انّه قد لاقى الطاهر ، فلم يكن الملاقي ـ بالكسر ـ محكوما بالنجاسة ، وذلك لما يلي :
(أمّا أوّلا : فلما ذكر) : من ان الاجتناب عن الشيء معناه : الاجتناب عن نفس ذلك الشيء ، لا الاجتناب عنه وعمّا يلاقيه ، فلا تلازم بين وجوب الاجتناب عن الشيء ووجوب الاجتناب عن ملاقيه ، فنجاسة الملاقي انّما هو بدليل خاص ، ولا دليل على النجاسة في مورد الملاقاة مع أحد طرفي الشبهة.
(وحاصله : منع ما في الغنية : من دلالة وجوب هجر النجس على وجوب الاجتناب عن ملاقي الرّجز إذا لم يكن عليه) أي : على الملاقي ـ بالكسر ـ (أثر من ذلك الرجز) فانه قد يتعدى الرّجز من الملاقى ـ بالفتح ـ إلى الملاقي ـ بالكسر ـ وفي هذه الصورة تحصل النجاسة ، كما إذا تعدّت قطرات من الخمر إلى الاناء الآخر حيث يشمل الاناء الآخر دليل : «ان ما يبلّ ميلا منه ينجّس برميل من الماء».
إذن : (فتنجسه) أي : تنجس ملاقي الرّجز (حينئذ) أي : حين نفي الملازمة بين نجاسة الملاقي ونجاسة الملاقى (ليس الّا لمجرد تعبّد خاص) وهذا التعبّد