لأنّ موضوع التقوى والاحتياط الذي يتوقف عليه هذه الأوامر لا يتحقّق إلّا بعد إتيان محتمل العبادة على وجه يجتمع فيه جميع ما يعتبر في العبادة حتّى نيّة التقرّب ، وإلّا لم يكن احتياطا ، فلا يجوز أن تكون تلك الأوامر منشأ للقربة المنويّة فيها ، اللهم إلّا أن يقال ـ بعد النقض بورود هذا الايراد
______________________________________________________
وانّما لا يجدي لكونه مستلزما للدور الذي نبهنا عليه (لأنّ موضوع التّقوى والاحتياط ، الذي يتوقف عليه) أي : على هذا الموضوع (هذه الأوامر ، لا يتحقّق الّا بعد اتيان محتمل العبادة على وجه يجتمع فيه) أي : في محتمل العبادة (جميع ما يعتبر في العبادة) من الأجزاء والشرائط ، وفقد الموانع والقواطع (حتى نيّة التقرب) أيضا.
(وإلّا لم يكن احتياطا) فانّه اذا لم يتحقق الموضوع بجميع أجزائه وشرائطه مع فقده لجميع الموانع والقواطع لا يكون احتياطا ، فالاحتياط في التطهير ـ مثلا ـ يجب أن يكون بالماء المطلق ، فاذا لم يكن ماء ، أو لم يكن اطلاق ، لم يكن احتياط في التطهير.
وعليه : (فلا يجوز أن تكون تلك الاوامر منشأ للقربة المنوية فيها) أي : في هذه الأمور المحتمل عباديتها ، لما عرفت من أنّه مستلزم للدّور ، فانّ الأمر يتوقف على تحقق موضوعه ، ولو توقف تحقق موضوعه على هذا الأمر لزم الدور.
لكن اشكال الدور غير وارد نقضا وحلا.
أما نقضا : فكما قال : (اللهم الّا أن يقال ـ بعد النقض بورود هذا الايراد