إن لي ثلاثة ، فقال : «أنفقها على خادمك». فقال : إن لي أربعة ، فقال : «أنفقها على والديك». فقال : إن لي خمسة ، فقال : «أنفقها على قرابتك». فقال : إن لي ستة ، فقال : «أنفقها في سبيل الله ، وهو أخسها» (١).
الآية : ٢١٧ ـ قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ).
عن الزهري قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية من المسلمين ، وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي ، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة ، ووجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش ، في يوم بقي من الشهر الحرام ، فاختصم المسلمون ، فقال قائل منهم : لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام ، ولا نرى أن تستحلوا لطمع أشفيتم عليه ، فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا ، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه ، وغنموا عيره ، فبلغ ذلك كفار قريش ، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين وبين المشركين ، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : أتحل القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) إلى الغاية (٢).
وعن يحيى ابن أبي زائدة ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله بن جحش ومعه نفر من المهاجرين ، فقتل عبد الله بن واقد الليثي عمرو بن الحضرمي في آخر يوم من رجب ، وأسروا رجلين ، واستاقوا العير ، فوقف على ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام». فقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام ، فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) إلى قوله : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) أي : قد كانوا يقتلونكم وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم ، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله.
قال الزهري : لما نزل هذا قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم العير ، وفادى الأسيرين ، ولما فرج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم ، طمعوا فيما عند الله من ثوابه ، فقالوا : يا نبي الله ، أنطمع أن تكون غزوة ، ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل
__________________
(١) أخسّها أي : أقلها أجرا. تفسير ابن كثير ، ج ١ / ٢٥١ ، وزاد المسير ، ج ١ / ٢٣٣.
(٢) أي إلى نهاية الآية. النيسابوري ، ٥٥ ـ ٥٦ ، وزاد المسير لابن الجوزي ، ج ١ / ٢١٧.