رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فخلف على أهله خالد بن زيد فحرج أن يأكل من طعامه وكان مجهودا ، فنزل قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) الآية.
أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة قالت : كان المسلمون يرغبون في النفر مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيدفعون مفاتحهم إلى زمناهم ويقولون لهم : قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما أحببتم ، وكانوا يقولون : إنه لا يحل لنا إنهم أذنوا عن غير طيب نفس ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) إلى قوله : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ).
وأخرج ابن جرير عن الزهري أنه سئل عن قوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا؟ فقال : أخبرني عبد الله بن عبد الله قال : إن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم ، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون : قد أحللنا لكم أن تأكلوا بما في بيوتنا ، وكانوا يتحرجون من ذلك ، ويقولون : لا ندخلها وهم غيب ، فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم.
وأخرج عن قتادة قال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) في حي من العرب كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده ، وكان يحمله بعض يوم حتى يجد من يأكله معه.
وأخرج عن عكرمة وأبي صالح قالا : كانت الأنصار إذا نزل بهم الضيف لا يأكلون حتى يأكل الضيف معهم ، فنزلت رخصة لهم (١).
قال ابن عباس : لما أنزل الله تبارك وتعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٨] تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزمنى والعرج ، وقالوا : الطعام أفضل الأموال ، وقد نهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل ، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب ، والمريض لا يستوفي الطعام. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
وقال سعيد بن جبير والضحاك : كان العرجان والعميان يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء ، لأن الناس يتقذرونهم ويكرهون مؤاكلتهم ، وكان أهل المدينة لا يخالطهم
__________________
(١) السيوطي ، ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، وتفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٢٨ ـ ١٣٠ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ١٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٢٨.