الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ منّي الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ منّي الجهد ، فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١) حتى بلغ (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٥)». فرجع بها يرجف فؤاده ، حتى دخل على خديجة ، فقال : «زملوني» ، فزملوه حتى ذهب عنه الرّوع ، فقال : «يا خديجة! ما لي»؟! وأخبرها الخبر ، وقال : «قد خشيت عليّ» فقالت له : كلّا!؟ أبشر ، فو الله لا يخزيك الله أبدا ، إنّك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحقّ (١).
عن محمد بن يحيى قال (٢) : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل عن ابن شهاب ، قال : أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي : أنّه سمع بعض علمائهم يقول : كان أول ما أنزل الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١) (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (٢) (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (٣) (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤) (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٥) قالوا : هذا صدرها أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حراء ، ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله.
وعن علي بن الحسين بن واقد ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت علي بن الحسين يقول : أول سورة نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، وآخر سورة نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة (المؤمنون) ، ويقال : (العنكبوت). وأول سورة نزلت بالمدينة : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) وآخر سورة نزلت في المدينة : (بَراءَةٌ). وأول سورة علمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة : (وَالنَّجْمِ) وأشدّ آية على أهل النّار : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) (٣٠) وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) [سورة النساء ، الآية : ٤٨] ، وآخر آية نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨١] ، وعاش النبي صلىاللهعليهوسلم بعدها تسع ليال (٣).
__________________
(١) البخاري : بدء الوحي ، رقم ٣ ، ومسلم : الإيمان ، باب : بدء الوحي رقم ١٦٠.
(٢) أسباب النزول للنيسابوري ١٠.
(٣) أسباب النزول للنيسابوري ، ١٢ ـ ١٣.