الآية : ٦١ ـ قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ).
نزلت في جماعة من المنافقين كانوا يؤذون الرسول ويقولون ما لا ينبغي ، قال بعضهم : لا تفعلوا ، فإنا نخاف أن يبلغه ما تقولون ، فيقع بنا. فقال الجلاس بن سويد : نقول ما شئنا ، ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول ، فإنما محمد أذن سامعة. فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وقال محمد بن إسحاق بن يسار وغيره : نزلت في رجل من المنافقين يقال له : نبتل بن الحارث ، وكان رجلا أدلم ، أحمر العينين ، أسفع الخدين ، مشوه الخلقة. وهو الذي قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من أراد أن ينظر الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث». وكان ينم حديث النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المنافقين ، فقيل له : لا تفعل. فقال : إنما محمد أذن ، من حدثه شيئا صدقه ، نقول ما شئنا ، ثم نأتيه فنحلف له فيصدقنا. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢)
وقال السدي : اجتمع ناس من المنافقين فيهم جلاس بن سويد بن الصامت ووديعة بن ثابت ، فأرادوا أن يقعوا في النبي صلىاللهعليهوسلم وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس ، فحقروه ، فتكلموا وقالوا : لئن كان ما يقوله محمد حقا لنحن أشر من الحمير. ثم أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فدعاهم فسألهم ، فحلفوا أن عامرا كاذب ، وحلف عامر أنهم كذبة ، وقال : اللهم لا تفرق بيننا حتى تبين صدق الصادق من كذب الكاذب. فنزلت فيهم : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) ونزل قوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) [سورة التوبة ، الآية : ٦٢] (٣).
الآية : ٦٤ ـ قوله تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ).
__________________
ـ ولئلا ينفر الناس عنه ، رقم : ٦٥٣٤ ، وتفسير زاد المسير ، ج ٣ / ٤٥٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ١٦٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٣٦٣.
(١) قوله تعالى : (أُذُنٌ) أي يصدّق كل ما يقال له ، النيسابوري ٢١٠ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ٨ / ١٩٢ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٣٦٦.
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٠ / ١١٦ ـ ١١٧.
(٣) الدر المنثور ، ج ٣ / ٢٥٣.