صديق له بمصر ، فبعث غلمانه بالإبل إلى مصر يسأله الميرة ، فقال خليله : لو كان إبراهيم إنما يريده لنفسه احتملنا ذلك له ، وقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة. فرجع رسل إبراهيم فمروا ببطحاء ، فقالوا : لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بالميرة؟ إنا نستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة. فملئوا تلك الغرائر رملا ، ثم إنهم أتوا إبراهيم عليهالسلام وسارة نائمة ، فأعلموه ذلك ، فاهتم إبراهيم عليهالسلام بمكان الناس ، فغلبته عينه فنام ، واستيقظت سارة ، فقامت إلى تلك الغرائر ففتقتها ، فإذا هو أجود حوار يكون ، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس ، واستيقظ إبراهيم عليهالسلام فوجد ريح الطعام ، فقال : يا سارة ، من أين هذا الطعام؟ قالت : من عند خليلك المصري. فقال : بل من عند خليلي الله ، لا من عند خليلي المصري. فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلا (١).
الآية : ١٢٧ ـ قوله تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ).
عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) الآية ، قالت : والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) [سورة النساء ، الآية : ٣] قالت عائشة رضي الله عنها : وقال الله تعالى في الآية الأخرى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من باقي النساء إلا بالقسط ، من أجل رغبتهم عنهن (٢).
الآية : ١٢٨ ـ قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ).
عن هشام ، عن عروة ، عن عائشة ، في قول الله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً) إلى آخر الآية ، نزلت في المرأة تكون عند الرجل فلا يستكثر منها ويريد
__________________
(١) النيسابوري ١٥٥ ، والسيوطي ، ٩١ ـ ٩٢ ، وتفسير الطبري ، ج ٥ / ١٩١ ، وزاد المسير ، ج ٢ / ٢١١ ـ ٢١٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ٥ / ٤٠٠ ـ ٤٠١.
(٢) رواه مسلم في أوائل كتاب التفسير ، رقم ٣٠١٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ١ / ٥٦١ ، وتفسير القرطبي ، ج ٥ / ٤٠٢.