أغرتم عليهم ما كانوا علموا بكم حتى تواقعوهم. فقال قائل منهم : فإن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم ، فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها. فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) إلى آخر الآية ، وأعلم ما ائتمر به المشركون ، وذكر صلاة الخوف (١).
الآيات : ١٠٥ ـ ١١٦ ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) إلى قوله تعالى : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (١١٦).
أنزلت كلها في قصة واحدة ، وذلك أن رجلا من الأنصار يقال له : طعمة بن أبيرق ، أحد بني ظفر بن الحارث ، سرق درعا من جار له يقال له : قتادة بن النعمان ، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق ، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق ، ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له : زيد بن السمير ، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد عنده ، وحلف لهم : والله ما أخذها وما له به من علم ، فقال أصحاب الدرع : بلى والله ، قد أدلج علينا فأخذها ، وطلبنا أثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق. فلما أن حلف تركوه ، واتبعوه أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي ، فأخذوه ، فقال : دفعها إليّ طعمة بن أبيرق ، وشهد له أناس من اليهود على ذلك ، فقالت بنو ظفر ، وهم قوم طعمة : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكلموه في ذلك ، فسألوه أن يجادل عن صاحبهم ، وقالوا : إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح ، وبرئ اليهودي. فهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفعل ، وكان هواه معهم ، وأن يعاقب اليهودي ، حتى أنزل الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) الآية كلها (٢).
وهذا قول جماعة من المفسرين.
الآية : ١٢٣ ـ قوله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ١ / ٥٤٨ ـ ٥٤٩.
(٢) النيسابوري ، ١٥١ ـ ١٥٣ ، والسيوطي ، ٩٠ ـ ٩١ ، وزاد المسير ، ج ٢ / ١٩٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ٥ / ٣٧٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ١ / ٥٥١.