وقال مجاهد في هذه الآية : هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة ، يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا النبي عليهالسلام إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون ، فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون ، فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية ، وأمر بقتلهم في قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [سورة النساء ، الآية : ٨٩] فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويم الأسلمي ، وبينه وبين النبي صلىاللهعليهوسلم حلف ، وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين ، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) [سورة النساء ، الآية : ٩٠] (١).
الآية : ٩٠ ـ قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ).
أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم ، قال : لما ظهر النبي صلىاللهعليهوسلم على أهل بدر وأحد ، وأسلم من حولهم ، قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج ، فأتيته فقلت : ىأنشدك النعمة ، بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي ، وأنا أريد أن توادعهم ، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام ، وإن لم يسلموا لم يحسن تغليب قومك عليهم ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيد خالد فقال : «اذهب معه فافعل ما يريد» فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ، وأنزل الله : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم (٢).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نزلت : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) في هلال بن عويمر الأسلمي وسراقة بن مالك المدلجي ، وفي بني جذيمة بن عامر بن عبد مناف (٣).
__________________
ـ فِئَتَيْنِ ..) ، رقم : ٤٣١٣ ، ومسلم : الحج ، باب : المدينة تنفي شرارها ، رقم : ١٣٨٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ١ / ٥٣٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ٥ / ٣٠٦.
(١) النيسابوري ١٤٣ ، وتفسير الطبري ، ج ٥ / ١٢١ ، وزاد المسير ، ج ٢ / ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ١ / ٥٣٣.
(٣) السيوطي ، ٨٢ ـ ٨٣ ، وتفسير الطبري ، ج ٥ / ١٢٤.