تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ) إلى قوله : (رَفِيقاً) (٦٩) [سورة النساء ، الآية : ٦٩] (١).
وعن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له :
قيس ، وفي رجل من اليهود ، في مماراة كانت بينهما في حق تدارءا فيه ، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم بينهما ، وتركا نبي الله صلىاللهعليهوسلم ، فعاب الله تعالى ذلك عليهما ، وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله ، وقد علم أنه لن يجور عليه (٢) ، وجعل الأنصاري يأبى عليه وهو يزعم أنه مسلم ، ويدعوه إلى الكاهن ، فأنزل الله تعالى ما تسمعون ، وعاب على الذي يزعم أنه مسلم ، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب ، فقال : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) إلى قوله : (يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) (٦١) (٣).
عن يزيد بن زريع ، عن داود ، عن الشعبي (٤) قال : كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق اليهودي إلى حاكمهم لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم ، فلما اختلفا اجتمعا على أن يحكما كاهنا في جهينة ، فأنزل الله تعالى في ذلك : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يعني المنافق (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) يعني اليهودي (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) إلى قوله : (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٦٥) [سورة النساء ، الآية : ٦٥] (٥).
وقال الكلبي : عن أبي صالح ، عن ابن عباس : نزلت في رجل من المنافقين ، كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي : انطلق بنا إلى محمد ، وقال المنافق : بل نأتي كعب بن الأشرف ، وهو الذي سماه الله تعالى (الطاغوت) فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله ، فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاختصما
__________________
(١) المعجم الكبير للطبراني برقم ١١٦٤٥ ، ومجمع الزوائد ، ج ٧ / ٦.
(٢) مماراة : مجادلة ومخاصمة. تدارءا : تدافعا ، وادعى كل منهما أنه حقه. يجور : يظلم ويميل عن الحق.
(٣) تفسير الطبري ، ج ٥ / ٩٧.
(٤) النيسابوري ، ١٣٦ ـ ١٣٧ ، والسيوطي ٧٨.
(٥) تفسير القرطبي ، ج ٥ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.