الله دينه. ولما كانت ظروف الإسلام والمسلمين لم تبق على وتيرة واحدة حيث كانوا ضعفاء ثم قووا ثم ضعفوا وأن هذا قد يتكرر فالقول بنسخ الاستثناء غير متسق مع طبيعة الأشياء. والراجح أنه مما أملته عزة المسلمين الأولى في صدر الإسلام. ولا يورد القائلون أثرا عن النبي صلىاللهعليهوسلم أو كبار صحابته يدعم قولهم. وهذا ما يسوغ القول إنه مستمر الحكم في الحدود التي ذكرناها.
١٠ ـ وننبه على أن الشيعة يتوسعون في رخصة التقية فيجيزونها في كل الحالات والمواقف. وسواء أكانت تجاه الكفار أم المسلمين. بل ويوجبونها على ما هو مثبوت في كتبهم حتى تبدو أنها من أهم المبادئ التي يدينون بها ويطبقون عليها مختلف الحالات في مختلف المواقف والظروف التاريخية. وقد قال الطبرسي وهو مفسر شيعي معتدل في سياق الآية إن أصحابنا أجازوها في الأحوال كلها عند الضرورة. ولقد ألممنا بهذه المسألة في سياق تفسير الآية [٢٨] من سورة غافر وأوردنا أقوالا وروايات أخرى يرويها الشيعة وأبدينا رأينا في المسألة فلا نرى ضرورة للإعادة إلّا التنبيه على أن آية آل عمران التي نحن في صددها هي في صدد الرخصة في مداراة الكفار فقط وأن المداراة والتقية إزاء غير الكفار حين الضرورة والخطر قد تصحان استئناسا بآية سورة النحل [١٠٦] وما ورد من أحاديث أخرى مع ما شرحناه في سياق تفسير آية غافر ومع التنبيه على ذلك على أن المداراة والتقية هما غير الاضطرار إلى تناول ما هو محرم من الأطعمة الذي ورد في آيات الأنعام [١٤٥] والنحل [١١٥] والبقرة [١٧٣] وما يمكن أن يقاس عليه. وغير إكراه المسلم على عمل أو قول محظور بالقوة. وقد شرحنا هذا في سياق تفسير آية الأنعام [١٤٥] وآية النحل [١٠٦] فنكتفي بهذا التنبيه والله تعالى أعلم.
(إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما