لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥)) [٨٣ ـ ٨٥]
عبارة الآيات واضحة وفيها استنكار لمن يبتغي غير دين الله وكل من في السموات والأرض مسلم له. وأمر للنبي بإعلان إيمانه بالله وأنبيائه وجميع ما أنزل عليهم دون تفريق. وإسلامه مع اتباعه لله. وتقرير الخسران لكل من يبتغي دينا غير الإسلام في الآخرة وعدم قبول الله دينا غيره.
تعليق على الآية
(أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) إلخ
والآيتين التاليتين لها
وقد روى المفسرون (١) أن الآيات نزلت في مناسبة اختصام أهل الكتاب إلى رسول الله بشأن دين إبراهيم وزعم كل فريق منهم أنه عليه فقال النبي إن كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم فغضبوا وقالوا والله ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك. والرواية عجيبة بعد ما ورد في آيات سابقة من هذه السورة ما ورد من مواقف الحجاج والجحود بين أهل الكتاب والنبي وبخاصة في صدد ملّة إبراهيم. وليست واردة في الصحاح بل ولم يروها الطبري شيخ المفسرين وأقدمهم.
والذي يتبادر لنا أن الآيات متصلة بسابقاتها سياقا وموضوعا ومنسجمة معها ومعقبة عليها تأييدا وتوكيدا. فبعد أن ذكرت الآيات السابقة صفات أهل الكتاب وتحريفاتهم لكتاب الله وتأويلاتهم السيئة وعدم وفائهم بالعهد الذي أخذه الله عليهم جاءت هذه الآيات تندد بهم وتأمر النبي بإعلان عقيدته في جميع أنبياء الله وكتبه وإسلامه له وتقرر بأن هذا هو دين الله الحق الذي لا يقبل الله غيره ويكون متبع غيره خاسرا.
__________________
(١) انظر تفسيرها في الخازن والطبرسي.