الخالق أو المعبود ، والمولى الثاني بمعنى الناصر فلا تنافي بينهما.
فإن قيل : لم خصّ (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ) [الآية ٧٣] بيوم القيامة ، فقال تعالى : (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) [الآية ٧٣] مع أن قوله الحق في كل وقت ، وله الملك في كل زمان؟
قلنا : لأن ذلك اليوم ، ليس لغيره فيه ملك ، بوجه من الوجوه ، وفي الدنيا لغيره ملك ، خلافة عنه أو هبة منه وإنعاما ، بدليل قوله تعالى في حق داود عليهالسلام (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) [البقرة : ٢٥١] وقوله (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٤٧] وقوله في ذلك اليوم هو الحق الذي لا يدفعه أحد من العباد ، ولا يشك فيه شاكّ من أهل العناد ، لانكشاف الغطاء فيه للكل ، وانقطاع الدعاوى والخصومات ، ونظيره قوله تعالى (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١٩) [الانفطار] وإن كان الأمر له في كل زمان ، وكذا قوله تعالى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦]؟
فإن قيل : لم قال تعالى في معرض الامتنان (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) [الآية ٨٤] ولم يذكر إسماعيل مع أنه كان هو الابن الأكبر؟
قلنا : لأن إسحاق وهب له من حرة وإسماعيل من أمة ؛ وإسحاق وهب له من عجوز عقيم ، فكانت المنّة فيه أظهر.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف القرآن (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [الآية ٩٢] وكثير ممّن يؤمن بالآخرة من اليهود والنصارى وغيرهم لا يؤمن به؟
قلنا : معناه والذين يؤمنون بالآخرة إيمانا نافعا مقبولا ، هم الذين يؤمنون به إما تصديقا به قبل إنزاله لما بشّر به موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، أو اتّباعا له بعد إنزاله والأمر كذلك ، فإن من لم يصدق موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام في بشارتهما بمحمد (ص) وبالقرآن ؛ أو كان بعد بعثه ولم يؤمن به ، فإيمانه بالآخرة غير معتدّ به ولا معتبر.
فإن قيل : لم أفرد قوله سبحانه تعالى (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ) [الآية ٩٣] بعد قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) [الآية ٩٣] وذلك أيضا افتراء؟
قلنا : لأنّ الأول عام ، والثاني خاص ، والمقصود الإنكار فيهما ، ولا