بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)) (١). ومقتضى الرواية أن تكون الآية مدينة وأن تكون نزلت لحدتها. ولم يرو أحد مدنية الآية ، وارتباطها بما بعدها قوي. وهي بعد معطوفة على ما قبلها. وضمير الفاعل في (وَما قَدَرُوا اللهَ) هو عائد على المعطوف عليه وهم الكفار موضوع الكلام في الآية السابقة.
ولقد روى البغوي بطرقه في سياق هذه الآيات عن عبد الله بن مسعود قال : «جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ، فقال : يا محمّد إنّا نجد أنّ الله يجعل السموات على إصبع والأرض على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع فيقول : أنا الملك. فضحك النبي صلىاللهعليهوسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثمّ قرأ : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ولعل التباسا ما وقع في الرواية حيث يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قد تلا هذه الآية حين ما سأل اليهودي فظن الراوي أنها نزلت في مناسبة السؤال.
وكل ما تقدم يسوّغ التوقف في الرواية كسبب لنزول الآية في المدينة والقول إن الآيات وحدة تامة ومعطوفة على ما قبلها ومتصلة به. وأنها استهدفت كما قلنا في شرحها فيما استهدفته التنويه بعظم قدرة الله تعالى ومطلق تصرفه في خلقه ثم توكيد البعث الأخروي ومحاسبة الناس على أعمالهم وجزائهم بما يستحقون عليها.
ولقد روى البغوي في سياق الآية حديثا عن عبد الله بن عمر قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يطوي الله السموات يوم القيامة ثمّ يأخذهنّ بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبّارون ، أين المتكبّرون ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهنّ بشماله ثم يقول : أنا الملك أين الجبّارون أين المتكبّرون». ولقد روى ابن كثير هذا الحديث من إخراج الإمام أحمد بصيغة أخرى فيها مماثلة وفيها زيادات قال : «قرأ رسول
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ١٩٩ ـ ٢٠٠.