الآية الأولى ترديد لآية صارت بمثابة لازمة في هذه السورة حيث تكررت عقب فصولها مرارا وفيها تنزيه واستثناء لعباد الله المخلصين من أن يكونوا كالكفار والمشركين وأن يصيروا إلى مصائرهم. والآيات الثلاث التالية احتوت خطابا تنديديا موجها إلى الكفار المشركين بضمير المخاطب ، تقول لهم فيه إنكم وما تعبدون من دون الله لن تستطيعوا أن تفتنوا وتضلوا إلّا من خبثت نيته واستحق أن يصلى النار.
والآيات متصلة بما سبقها كما هو المتبادر. ولعلها تنطوي على دلالة على ما كان من جهد زعماء المشركين بسبيل المناضلة والمجادلة عن عقائدهم ومحاولتهم إقناع الناس بفضلها وصحتها حيث ينطوي في ذلك صورة من صور السيرة النبوية واعتداد المشركين بأنفسهم وعقائدهم وقد تكرر ذلك على ما نبهنا إليه في بعض المناسبات السابقة.
(وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)) [١٦٤ ـ ١٦٦]
وفي الآيات تقرير صادر من عباد مخلصين بأن كلا منهم عارف حده ومقامه وأنهم جميعا صافون لله مسبحون مقدسون له.
تعليق على آية
(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ)
والآيتين التاليتين لها
وقد قال المفسرون (١) إن المحكي كلامهم هم الملائكة ، وإن فيها تكذيبا للمشركين الذين عبدوا الملائكة على اعتبار أنهم بنات الله أو قالوا إن بينه وبينهم
__________________
(١) انظر تفسيرها في تفسير ابن كثير والطبرسي والخازن والبغوي والطبري.