السؤال بإيعاز من اليهود. وقد يكون هذا صحيحا لأن من المشركين من كان يحاول إفحام النبي صلىاللهعليهوسلم ومحاجته في ما يتخيله من تناقض في ما يتلوه من الفصول القرآنية. وقد كان في مكة والمدينة يهود كثيرون ، ولا يبعد أن يكون بعضهم وسوس لبعض المشركين بإلقاء ذلك السؤال بقصد التعجيز والإفحام وإظهار التناقض أيضا.
غير أن الذي نرجحه أن الآيات لم تنزل لحدتها منفصلة عن ما سبقها ولحق بها ، والصلة الوثيقة بين ما سبقها ولحق بها بارزة.
وكل ما يحتمل أنها احتوت ردا على ما أورده أو احتج به بعض المشركين أو بعض الكتابيين في موقف من المواقف.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)) [٣١ ـ ٣٢]
(١) صبّار : شديد الصبر والثبات.
(٢) الظلل : جمع ظلة. وهي هنا كناية عن عظمة الموج وارتفاعه حتى كأنه يظلل الركاب والسفن.
(٣) مقتصد : معتدل في جحوده وغلوائه. ومن المفسرين (١) من أوّل الكلمة بأنه الذي كفّ عن غلوائه ووفى بعهده بالإخلاص لله بعد أن نجاه الله من خطر البحر. ولا يخلو التأويل من وجاهة بقرينة الجملة التي أتت بعد الكلمة.
(٤) ختّار : شديد الختل والغدر.
__________________
(١) انظر تفسير الآية في الطبري والطبرسي.