[١٢٥] (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ) وإرادته لأجل إنه في سبيل الهدى (أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ
لِلْإِسْلامِ) حتى يتسع لقبول الإسلام (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ
يُضِلَّهُ) لأنه عاند (يَجْعَلْ صَدْرَهُ
ضَيِّقاً حَرَجاً) هو ضيق الصدر ، كنى عن الضيق المعنوي بالضيق الظاهري (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ) أي يتصعد (فِي السَّماءِ) فإن الإنسان إذا ارتفع في أعالي الجو يضيق صدره ويصعب
تنفسه (كَذلِكَ) أي هكذا يضيق صدره الذي هو نتيجة عناده (يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ) الخذلان والعذاب (عَلَى الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ).
[١٢٦] (وَهذا) الإسلام (صِراطُ رَبِّكَ
مُسْتَقِيماً) حال عن (الصراط) (قَدْ فَصَّلْنَا
الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أي يتذكّرون ، فإنهم هم المنتفعون بالإسلام.
[١٢٧] (لَهُمْ) لمن تذكر (دارُ السَّلامِ) السلامة من المكاره ، والمراد بالدار الجنة (عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) يتولى أمورهم (بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ) بسبب أعمالهم الصالحة.
[١٢٨] (وَ) اذكر يا رسول الله (يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ
جَمِيعاً) يجمعهم للجزاء ، يقول (يا مَعْشَرَ) يا جماعة (الْجِنِّ قَدِ
اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أي جعلتموهم أتباعكم بالوسوسة إليهم وإضلالهم (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ) أي أتباع الشياطين
(مِنَ الْإِنْسِ) بيان (أولياؤهم) (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ) انتفع فإن الإنس انتفع بالجن حيث كان الجن مثل الأمير
الموجّه (بَعْضُنا بِبَعْضٍ
وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) أي وصلنا إلى آخر مدة حياتنا في الدنيا ، وهذا شرح
لأحوالهم الدنيوية (قالَ) الله (النَّارُ مَثْواكُمْ) أي مقامكم (خالِدِينَ فِيها) في حال كونكم فيها إلى الأبد (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) حيث يخرجه من النار (إِنَّ رَبَّكَ
حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
[١٢٩] (وَكَذلِكَ) أي هكذا (نُوَلِّي بَعْضَ
الظَّالِمِينَ بَعْضاً) كما جعلنا الولاية بين الجن والإنس (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي بسبب كسبهم السيئات ، فإن المجرم وليّ المجرم.
[١٣٠] ويقال لهم (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي من هذا المجموع ، وإلا فالرسل من الإنس (يَقُصُّونَ) يبينون (عَلَيْكُمْ آياتِي
وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أي يوم القيامة (قالُوا شَهِدْنا عَلى
أَنْفُسِنا) بالجرم والعصيان (وَغَرَّتْهُمُ) خدعتهم حتى ارتكبوا الآثام (الْحَياةُ الدُّنْيا
وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ).
[١٣١] (ذلِكَ) إرسال الرسل إنما هو لأجل (أَنْ لَمْ يَكُنْ
رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى) أي أهل القرى (بِظُلْمٍ) بأن يظلمهم في إهلاكهم (وَأَهْلُها غافِلُونَ) أي بدون رسول يرشدهم.