[٥٨] (وَإِذا نادَيْتُمْ) دعوتم (إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها) أي الصلاة (هُزُواً) استهزاء فإذا أذّن المؤذن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم (وَلَعِباً ذلِكَ) الهزء بالصلاة (بِأَنَّهُمْ) بسبب أن الكفار (قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ).
[٥٩] (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ) وتكرهون (مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ) من الكتب السماوية (وَ) آمنا ب (أَنَّ أَكْثَرَكُمْ) لا كلكم ، فإن بعضهم آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (فاسِقُونَ) أي أن إيماننا بالله تعالى وحده ، واعتقادنا بخروجكم عن طاعة الله ، هما عاملا نقمتكم علينا ، فهل من سبب غيرها؟.
[٦٠] (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أخبركم (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ) بأسوأ من ذلك الذي تنقمون منا ، أي ما هو أزيد في نقمتكم (مَثُوبَةً) أي جزاء (عِنْدَ اللهِ مَنْ) بدل من (شرّ) أي أنبئكم بمن (لَعَنَهُ اللهُ) وأبعده عن رحمته (وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) وهم اليهود مسخهم الله (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) أي جعل منهم عبّاد العجل ، وإنما نسب إلى الله تعالى ، لأنه تركهم وشأنهم فضلوا (أُولئِكَ) الملعونون (شَرٌّ مَكاناً) أي مكانهم أسوأ ، وهذا يدل على حالتهم السيئة ، أي أن مكانهم أسوأ من مكان سائر العصاة ، فأنتم إذا استهزأتم منا ، فدنياكم نقمة وقردة وخنازير ، وآخرتكم سقر ونار (وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) أي وسط الطريق ، فهم أبعد من سائر البعيدين.
[٦١] (وَإِذا جاؤُكُمْ) منافقو اليهود (قالُوا آمَنَّا) يريدون أن يأمنوا جانبكم (وَقَدْ دَخَلُوا) إلى مجلسكم (بِالْكُفْرِ) أي متلبسين بالكفر (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) إذا خرجوا من عندك خرجوا كما دخلوا متلبسين بالكفر أيضا (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) يخفون من الكفر.
[٦٢] (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) أي من اليهود (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ) يتهافتون على المعاصي (وَالْعُدْوانِ) التعدي والظلم (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) الرشوة وسائر المحرمات (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
[٦٣] (لَوْ لا) أي لما ذا لا (يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ) المنسوبون إلى الرب (وَالْأَحْبارُ) العلماء (عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) في عدم نهيهم.
[٦٤] (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) مقبوضة عن العطاء فإنهم كانوا يزعمون أن الله لا يتصرف في الكون (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) دعاء عليهم بان تغلّ أيديهم بالأغلال (وَلُعِنُوا) أبعدوا من رحمة الله دعاء عليهم (بِما قالُوا) أي بسبب هذا القول (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) يعمل في الكون (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) تأكيد للبسط ، وبسط اليد كناية عن تصرفه تعالى في الكون (وَلَيَزِيدَنَ) فعل ، من الزيادة (كَثِيراً مِنْهُمْ) مفعول (يزيدن) (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) فاعل (يزيدنّ) ، أي أن القرآن يزيدهم (مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً) إذ يشتد حسدهم فيطغون أكثر من قبل (وَكُفْراً) وزيادة الكفر عبارة عن اشتداده (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ) بين طوائف اليهود (الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) يبغض بعضهم بعضا (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا) أشعل هؤلاء اليهود (ناراً لِلْحَرْبِ) لحرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (أَطْفَأَهَا اللهُ) بغلبة المسلمين عليهم (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) أي للفساد (وَاللهُ لا يُحِبُ) أي يكره (الْمُفْسِدِينَ).