وفي ظني أني وجدت هذا الكلام في موضع آخر ـ ولعلّه في (نهج البلاغة) ـ بهذه العبارة : «فقال لي قائل : اقذف بها» إلى آخره ، وهو الأظهر.
«فقلت اغرب عني» ، الغروب : الغيبة والذهاب.
«فعند الصباح يحمد القوم السرى» ، يعني : السير بالليل ، والحمد بمعنى الرضا ، كما يقال : عاقبة الصبر محمودة ، وفي (القرآن) (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (١).
قال أبو هلال العسكري : (قولهم : عند الصباح يحمد القوم السرى. وهو في شعر [للجميح] (٢) يقول فيه :
تسألني عن بعلها أيّ فتى |
|
[خبّ جبان] (٣) وإذا جاع بكى |
لا [حطب] (٤) القوم ولا القوم سقى |
|
ولا ركاب القوم إذ ضاعت بغى |
ولا يواري فرجه إذا اصطلى |
|
ويأكل التمر ولا يرمي النوى |
كأنه غرارة ملأى حشا |
|
لمّا رأى الرمل وقيوان العصا |
بكى وقال هل ترون ما أرى |
|
أليس للسير الطويل منقضى |
قلت اعزّي صاحبي إذا بكى |
|
عند الصباح يحمد القوم السرى |
وتنجلي عنهم غيابات الكرى) (٥) |
أي تنكشف عنهم حجب النوم وغواشيه التي كانت تغشاهم.
قال بعض الأفاضل : (وهذا قريب من قوله عليهالسلام : «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» (٦).
__________________
(١) الإسراء : ٧٩.
(٢) من المصدر ، وفي «ق» : للجميع ، وفي «ح» : الجميع.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : حب حباب.
(٤) من المصدر ، وفي النسختين : خطب.
(٥) الأبيات من الرجز. جمهرة الأمثال ٢ : ٣٨ / ١٢٩٣.
(٦) شرح الشيخ ميثم البحراني على المائة كلمة : ٥٤ ، بحار الأنوار ٧٠ : ٣٩.