وقال بعض الأعلام : (لعلّ وجه الاستحياء خوفه من أن ينسبه راقعها إلى البخل والدناءة والخسة ؛ وذلك لبعد طباع أهل الدنيا عن معرفة حسنها وغلبة حبها عليهم) (١). وتنظّر فيه بعض مشايخنا بأنه قد ورد في بعض الأخبار أن راقعها الحسن عليهالسلام ، قال : (وجدت ذلك في بعض الكتب المعتبرة التي لم تحضرني الآن).
«وقال لي اقذف بها قذف الاتن لا ترتضيها لبراذعا» ، القذف : الرمي ، يقال : قذف الحجارة ، أي رمى بها. والاتن ـ جمع (أتان) ـ : انثى الحمار. والبراذع : جمع (برذعة) ـ بالدال المهملة والمعجمة ـ وهي : الحلس ، أعني الكساء الذي على الدابة. والمعنى أن الراقع قال : ارم بهذه المدرعة كما ترمي بها الحمير التي لا ترتضيها لبراذعها ، فكيف ترضى بلبسها الأكابر الأجلاء من بني آدم؟! هذا على تقدير كون الجملة الفعلية صفة للمعرّف بلام الجنس ، نحو :
ولقد أمرّ على اللئيم يسبني (٢)
في أظهر الوجهين ، وعليه حمل صاحب (الكشاف) (٣) قوله تعالى (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) (٤). وذلك لأنه قريب المسافة إلى النكرات ؛ لعدم التوقيت فيه والتعيين. واحتمال الاستيناف أيضا ممكن ، ويكون بيانا لسبب القذف. واحتمال الحالية أيضا غير بعيد ؛ لظاهر التعريف وإن كان في المعنى كالنكرات.
وكيف كان ، فإن هذا الكلام مما ينافي بحسب الظاهر ما تقدم ذكره عن بعض مشايخنا من أن راقعها كان الحسن عليهالسلام ، إذ يبعد منه القول لأبيه عليهالسلام بذلك ، ويبعد جوابه له بقوله : «اغرب عني».
__________________
(١) الفوائد الطوسية : ١٤٤ / الفائدة : ٤٦.
(٢) حاشية الصبان على شرح الاشموني ١ : ١٨٠.
(٣) الكشاف ٤ : ٥٣٠.
(٤) الجمعة : ٥.