وجه الحصر إمّا أن يكون مستلزمة للمشقة الشديدة ، أو قاتلة. والأول إمّا متناه في المشقة ، أو دونه. والثاني إمّا ظاهر ، أو (١) خفي. هذا كله على تقدير كون الواو بمعنى (أو) ، كما ورد كثيرا في مثل هذا المقام ، وإلّا فيكون حصر اللذات في مجموع مشابهة الأربعة ، ولعل الترقي من الأدنى إلى الأعلى للدلالة على أن بعضها ينجر إلى ما هو أعظم منه) (٢) انتهى.
«ولقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها» ، هذا شروع منه عليهالسلام في وصف حاله ، ليقتدي به من تأخر عنه وإن كانته حاله ظاهرة لمن كان في زمانه ، ليعلم أن من أمر بشيء ينبغي أن يبدأ بنفسه فيأمرها وينهاها ، ليكون أمره ونهيه مؤثرا في القلوب وناجعا في المطلوب. ولقد أحسن أبو الأسود الدؤلي حيث قال :
يا أيها الرجل المعلّم غيره |
|
هلّا لنفسك كان ذا التعليم |
ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها |
|
فإذا انتهت عنه فأنت كريم |
تصف الدواء وأنت أحوج للدوا |
|
وتعالج المرضى وأنت سقيم |
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم (٣) |
والمدرعة ـ كمكنسة ـ : ثوب غليظ كالدرّاعة. قاله (٤) في (القاموس) [وقال] :
(ولا يكون إلا من صوف) (٥).
ورقع الثوب : إصلاحه بالرقعة ، وهي خرقة تخاط على الموضع التالف منه.
ووجه الاستحياء : كثرة تكليف الراقع والتردد إليه في إصلاح المدرعة وترقيعها.
__________________
(١) في «ح» : وإما.
(٢) الفوائد الطوسية : ١٤٣ ـ ١٤٤ / الفائدة : ٤٦.
(٣) الأبيات من الكامل. خزانة الأدب ٣ : ٦١٨.
(٤) في «ح» : قال.
(٥) القاموس المحيط ٣ : ٢٩ ـ درع.