بيان ما لعله يحتاج إلى البيان
في هذا الحديث وما اشتمل عليه من الدرر الحسان
«والله ما دنياكم عندي» ، أضافها إليهم لانهماكهم فيها وتهالكهم عليها ، حتى كأنها مقصورة عليهم ، ومختصّة بهم. والغرض التشنيع عليهم بحبّهم إياها والتزهيد فيها.
«إلّا كسفر» ، هو جمع (مسافر) أو اسم جمع له ، على اختلاف الرأيين بين اللغويين ، ففي (الصحاح) (١) و (المغرب) (٢) أنه جمع ك (كركب) و (صحب) ، في (راكب) و (صاحب). ويظهر من (القاموس) أنه اسم جمع (٣).
وقال في كتاب (المصباح المنير) : سفر الرجل سفرا ـ من باب [ضرب] (٤) ـ : خرج للارتحال ، فهو سافر ، والجمع : سفر ، مثل : راكب وركب ، وصاحب وصحب ، لكن استعمال الفعل في (سافر) مهجور ، واستعمل المصدر اسما وجمع على (أسفار) (٥).
«على منهل» ، وهو إمّا مصدر بمعنى أوّل الشرب ، كالنهل ـ محرّكة ـ أو بمعنى المشرب ، أي الموضع الذي فيه الشرب ، أو المنزل يكون بالمفازة ، ذكر ذلك في (القاموس) (٦). وعلى الأولين فهو إشارة إلى سرعة فناء الدنيا وزوالها ، حال كون أهلها مغمورين في لذاتها. وعلى الثالث فهو إشارة إلى كون صاحبها على خطر عظيم ، وخوف شديد ، ويقين بانقضائها.
«حلّوا» ، من الحلول ضد الارتحال ؛ لمقابلته به.
«إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا» الإتيان ب (إذ) الفجائيّة مع الفاء ، وذكر الصياح
__________________
(١) الصحاح ٢ : ٦٨٦ ـ سفر.
(٢) المغرّب : ٢٢٦ ـ السفر.
(٣) القاموس المحيط ٢ : ٧١ ـ السفر.
(٤) من المصدر ، وفي النسختين : طلب.
(٥) المصباح المنير : ٢٧٨ ـ سفر ، بالمعنى.
(٦) القاموس المحيط ٤ : ٨٣ ـ النهل.