والسائق خرج مخرج المبالغة في سرعة الارتحال بغتة ، وعدم التمكن من الإقامة وإن أرادوها. وهو يؤيّد المعنيين الأوّلين تأييدا ظاهرا وإن لم يناف الأخير.
«ولا لذاتها في عيني» ، الظاهر أن اللذات هنا عبارة عن المستلذّات الحسنة كالمآكل اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والمناكح ، ونحوها. وهو استعمال شائع لغة وعرفا ، وحينئذ ، فالعين على حقيقتها. ويحتمل بقاء اللذات على معناها الظاهر. ويراد بالعين : عين القلب ؛ لأنها امور معقولة غير محسوسة بحسّ البصر. ويحتمل أيضا خروج الكلام مخرج التمثيل والتصوير ، وهو أبلغ.
«إلّا كحميم» ، هو الماء الحار الشديد الحرارة. وفي (القاموس) أنه يطلق على الماء البارد أيضا ، وهو من الأضداد (١).
«أشربه غساقا» ، هو ـ بالتخفيف ك (سحاب) ، أو التشديد ، ك (شداد) ـ : الماء البارد المنتن. قاله في (القاموس) (٢).
قال بعض الأعلام : (ومن هنا تبيّن أنه يتعيّن إرادة البارد من الحميم) (٣).
أقول : قال في (النهاية الأثيرية) : (فيه : «لو أن دلوا من غسّاق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا». الغساق ـ بالتخفيف والتشديد ـ : ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم. وقيل : ما يسيل من دموعهم. وقيل : هو الزمهرير) (٤).
وقال في كتاب (مجمع البحرين) : (قوله (إِلّا حَمِيماً وَغَسّاقاً) (٥) : هو ـ بالتخفيف والتشديد ـ ما يغسق من صديد أهل النار ، أي يسيل. يقال : غسقت
__________________
(١) القاموس المحيط ٤ : ١٤٠ ـ حمّ.
(٢) القاموس المحيط ٣ : ٣٩٤ ـ الغسق.
(٣) الفوائد الطوسية : ١٤٣ / الفائدة : ٤٦.
(٤) النهاية في غريب الحديث والأثر ٣ : ٣٦٦ ـ غسق.
(٥) النبأ : ٢٥.