بسطها في إنائها ، فقلت له : أصدقة ، أم نذر أم زكاة ، فكل ذلك يحرم (١) علينا أهل البيت (٢) ، وعوّضنا منه خمس ذي القربى في الكتاب والسنّة؟ فقال لي : لا ذا ولا ذاك ، ولكنّها هدية. فقلت له : ثكلتك الثواكل ، فعن دين الله تخدعني بمعجونة غرّقتموها بقندكم ، وخبيصة صفراء أتيتموني بها بعصيركم؟ أمختبط ، أم ذو جنّة ، أو تهجر؟! أليست النفوس عن مثقال حبّة من خردل مسئولة ؛ وما ذا أقول في معجونة أتزقمها معمولة؟
والله ، لو اعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ، واسترقّ لي قطّانها ، مذعنة (٣) بأملاكها ، على أن أعصي الله في نملة أسلبها أو شعيرة ألوكها ، ما قبلت وما أردت. ولديناكم أهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها ، وأقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها ، وأمرّ على فؤادي من حنظلة يلكوها ذو سقم ينسمها (٤). كيف أقبل ملفوفات عكمتها في طيّها ، ومعجونة كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيّها؟ اللهم إنّي نفرت عنها نفار المهرة من [راكبها] (٥) ، اريه السها ويريني القمر! أمتنع من وبرة من قلوصها ساقطة ، وأبتلع إبلا في مبركها رابضة؟ أدبيب العقرب من وكرها ألتقط ، أم قواتل الرقش في بيتي أرتبط؟
فدعوني أكتفي من دنياكم بملحي وأقراصي ، فبتقوى الله أرجو خلاصي ، ما لعليّ ونعيم يفني ، ولذة تنسخها (٦) المعاصي. سألقى وشيعتي ربنا بعيون ساهرة ، وبطون خماص (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) (٧) ، ونعوذ بالله من سيئات الأعمال» (٨).
__________________
(١) في «ح» : محرّم.
(٢) في «ح» والمصدر : بيت النبوة ، بدل : البيت.
(٣) في «ح» بعدها : مقرة.
(٤) في «ح» : فيشمها ، وهو ما سيشير إليه في الشرح ، على أنه في نسخة من الأمالي.
(٥) من المصدر ، وفي النسختين : كبها.
(٦) من «ح» وهو الموافق لرسم العبارة المشروحة ، وفي «ق» : تبيحها.
(٧) آل عمران : ١٤١.
(٨) الأمالي ٧١٨ ـ ٧٢٢ / ٩٨٨.