الفسق مانع شرعا من قبول الشهادة ، فالعلم برفعه على الوجه الشرعي لازم ، وهو أن يعلم أو يظن ظنا شرعيّا [بها ، وقد عرفت أيضا أنّه لم تحصل الملكة بمجرد الإسلام ولا مع العلم بعدم الفسق ، بل ولا يظن بذلك عدم الفسق ظنا شرعيا] ؛ لما عرفت من أحوال الناس) (١) انتهى.
وثالثا : أن ما طعن به على الرواية المذكورة بضعف السند بناء على نقله لها من (التهذيب) ، ففيه ـ مع الإغماض عن المناقشة في ذلك ـ أنّها صحيحة في (الفقيه) كما عرفت ، وهي صريحة في ردّ ما ذهب إليه ، فتكون حجة واضحة عليه.
ورابعا : أن ما نقله من القول بالإسلام عن هؤلاء الثلاثة ، وادّعى أن باقي المتقدّمين لم يصرحوا في عباراتهم بأحد الأمرين ، بل كلامهم محتمل [لهما] مردود بما سيظهر لك في المقام ، بعد نقل كلام جملة من اولئك الأعلام ، فنقول : قال الشيخ في (النهاية) : (العدل الذي يجوز قبول شهادته للمسلمين وعليهم هو أن يكون ظاهره ظاهر الإيمان ، ثمّ يعرف بالستر والصلاح والعفاف والكف عن البطن والفرج واليد واللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار ، من شرب الخمر والزنا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف ، وغير ذلك ، الساتر لجميع عيوبه ، ويكون متعاهدا للصلوات الخمس ، مواظبا عليهن ، حافظا لمواقيتهنّ ، متوفرا على حضور جماعة المسلمين ، غير متخلّف عنهم إلّا لمرض أو علّة أو عذر) (٢).
وقال الشيخ المفيد رحمهالله : (العدل : من كان معروفا بالدين والورع عن محارم الله تعالى) (٣).
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٩٦.
(٢) النهاية : ٣٢٥.
(٣) المقنعة (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) ١٤ : ٧٢٥.