وقال هذا السمناني : إنه لا يصح القول بأن علم الله تعالى مخالف للعلوم كلها ولا أن قدرته مخالفة للقدرة كلها ، لأنها كلها داخلة تحت قولنا ووصفنا للقدرة والعلوم. هذا نص كلامه وهذا بيان بأن دينهم أن علم الله تعالى وقدرته من نوع علمنا وقدرتنا ، وإذ الأمر كذلك عنده فعلمنا وقدرتنا عرضان فينا مخلوقان ، فوجب ضرورة أن علم الله تعالى وقدرته عرضان في الله مخلوقان. ونص هذا السّمناني ، ومحمد بن فورك في صدر كلامه في كتاب أظنه «الأصول» : أن الحدود لا تختلف في قديم ولا محدث ، قالوا ذلك في كلامهم في علم الله تعالى في تحديدهم لمعنى العلم بصفة يقع تحتها علم الله تعالى وعلوم الناس ، وهذا نص منهم على أن الله تعالى محدود واقع معنا تحت الحدود هو وعلمه وقدرته ، وهو شر من قول جهم شيخهم في الحقيقة ، وأبين من قول كل مشبه في الأرض. ونص هذا السّمناني على أن العالم والقادر والمريد من الله تعالى وخلقه ، إنما كان محتاجا إلى هذه الصّفات ، لكونه موصوفا بها لا لجوازها عليه. هذا نص كلامه ، وهذا تصريح منهم بلا تكلف ولا تأويل ، بأن الله تعالى عن كفر هذا الأرعن محتاج إلى الصفات ، وهذا كفر ما ندري أن أحدا بلغه. ونص هذا السّمناني أيضا على أن الله تعالى لما كان حيا عالما ، كان موصوفا بالحياة والعلم والقدرة والإرادة ، حتى لا يختلف الحال في ذلك في الشّاهد والغائب ، هذا نص كلامه وهذا تصريح منه على أن لله تعالى حالا لا يخالفه فيها خلقه ، بل هو وهم فيها سواء. ونص هذا السّمناني على أنه إذا كانت الصفات الواجبة لله تعالى في كونه عالما قادرا لا يغني وجوبها له عن ما هو مصحح لها من الحياة فيه ، كما لا يوجب غناه عما يوجب كونه عالما قادرا عن المقدرة والعلم.
قال أبو محمد : هذا نص جليّ على أن الله تعالى غير غني عن شيء هو غيره ، لأن الصفات عندهم هي غيره تعالى ، والله تعالى عندهم غير غنيّ عنها تعالى الله ، وإذا لم يكن غنيا عنها فهو فقير إليها هكذا قالت اليهود إن الله فقير ، تعالى الله عن هذا بل هو الغني جملة عن ما سواه ، وكل من دونه فقير إليه تعالى. وقال السمناني : إن قال قائل لم أنكرتم أن يكون الله مريدا لنفسه حسب ما قاله النّجار والجاحظ؟ قيل له : أنكرنا ذلك لما قدمنا ذكره ، من أن الواحد من الخلق مريد بإرادة ، ولا يخلو أن يكون حقيقة المريد من له الإرادة أو كونه مريدا وجود الإرادة له ، وأي الأمرين كان وجبت مساواة الغائب الشاهد في هذا الباب.
قال أبو محمد : وهذا نص جليّ على مساواة الله تعالى لخلقه عند هذا الجاهل. وهذا أعظم في الكفر من قول كلّ مجسم لأن جميع المجسمين لم يقدم أحد منهم