وقد قيل إن جابر
بن يزيد الجعفي الذي يروي عن الشعبي كان خليفة المغيرة ابن سعيد إذ أحرقه خالد بن
عبد الله القشريّ ، فلما مات جابر خلفه بكر الأعور الهجري ، فلما مات فوضوا أمرهم
إلى عبد الله بن المغيرة رئيسهم المذكور ، وكان لهم عدد ضخم بالكوفة ، وآخر ما وقف
عليه المغيرة بن سعيد القول بإمامة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين ، وتحريم
ماء الفرات ، وكل ماء نهر أو عين أو بئر وقعت فيه نجاسة ، برئت منه عند ذلك
القائلون بالإمامة في ولد الحسين.
وفرقة قالت بنبوة
بيان بن سمعان التميمي ، صلبه وأحرقه خالد بن عبد الله القسري مع المغيرة بن سعيد
في يوم واحد ، وجبن المغيرة بن سعيد عن اعتناق حزمة الحطب جبنا شديدا حتى ضم إليها
قهرا ، وبادر بيان بن سمعان إلى الحزمة فاحتضنها من غير إكراه ، ولم يظهر منه جزع
، فقال خالد لأصحابهما : في كل شيء أنتم مجانين؟ هذا كان ينبغي أن يكون رئيسكم لا
هذا الفل. وكان بيان لعنه الله يقول : إن الله تعالى يفنى كله حاشا وجهه فقط ، وظن
المجنون أنه تعلق في كفره هذا بقول الله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها
فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) [سورة الرحمن : ٢٧].
ولو كان له أدنى
عقل أو فهم لعلم أن الله تعالى إنما أخبر بالفناء عمّا على الأرض فقط بنص قوله
الصادق : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها
فانٍ).
ولم يصف عزوجل بالفناء غير ما على الأرض ، ووجه الله تعالى هو الله ،
وليس هو شيئا غيره ، وحاشا لله من أن يوصف بالتبعيض والتجزؤ ، هذه صفة المخلوقين
المحدودين ، لا صفة من لا يحدّ ولا له مثل ، وكان لعنه الله يقول : إنه المعنيّ
بقول الله تعالى : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) [سورة آل عمران :
١٣٨].
وكان يذهب إلى أن
الإمام هو أبو هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية ثم هي في سائر ولد عليّ كلهم.
وقالت فرقة منهم
بنبوة أبي منصور المستنير العجلي وهو الملقب بالكشف ، وكان يقال إنه المراد بقول
الله عزوجل : (وَإِنْ يَرَوْا
كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً) [سورة الطور : ٤٤].
وصلبه يوسف بن عمر
بالكوفة ، وكان لعنه الله يقول : إنه عرج به إلى السماوات ، وأن الله تعالى مسح
رأسه بيده ، وقال له أي بني ، اذهب فبلّغ عني ، وكان يمين أصحابه «لا والكلمة» ،
وكان لعنه الله يقول : بأن أول من خلق الله تعالى فعيسى ابن مريم ثم علي بن أبي
طالب ، وكان يقول بتواتر الرسل ، وأباح المحرّمات من الزنا ، والخمر ،