وشعيبا ، كلّ واحد منهم إلى قومه : جماعته التي كان فيها (فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالبراهين المقنعة والحجج الواضحة التي تدل على صدقهم وعلى صحة ما يدعون إليه (فَما كانُوا) فما كان أقوامهم (لِيُؤْمِنُوا) يصدّقوا (بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) أي بما رفضه أسلافهم وكذّبوه. والمعنى أنه قد مضت أمم كأمة نوح التي كذّبت رسولها (كَذلِكَ) كهذا الذي أصيب به قوم نوح (نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ) أي نجعل في قلوبهم علامة دالة على كفرهم تكون مدعاة لذمّهم.
* * *
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (٧٨))
٧٥ ـ (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ ...) عطف على قصة بعث الرّسل المذكورين ، قصة إرسال موسى وهارون من بعدهم حيث أرسلهما نبيّين (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) ورؤساء قومه ، قال سبحانه : بعثناهما (بِآياتِنا) بمعجزاتنا (فَاسْتَكْبَرُوا) تعجرفوا وامتنعوا عن الإيمان وتعالوا عن الانقياد (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) والاجرام هو اكتساب السيئات ، أي كانوا عصاة مستحقّين للعقاب.
٧٦ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا ...) أي : وحين جاء فرعون وقومه الحقّ الظاهر من عند الله تعالى ، وهو ما أتى به موسى عليهالسلام من