(وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) أي يحييهم من قبورهم فيحكم فيهم ، ويردّهم (ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) يعادون للجزاء ، وحينئذ يسمعون ولا ينفعهم استماعهم ، فلا سبيل إلى إسماع هؤلاء الصم البكم ـ كالأموات ـ ولا إلى إفهامهم.
٣٧ ـ (وَقالُوا : لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ...) أي قالوا عنادا ، واقترحوا مكابرة إنزال معجزة تكون غير ما أنزله الله تعالى على رسوله من الآيات المباركات والمعجزات الباهرات ، فلهؤلاء (قُلْ) يا محمد : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) أي مستطيع أن ينزل آية تلجئهم وتجبرهم على الإيمان كالبلاء والصاعقة والقحط وغير ذلك ممّا يحملهم قهرا على التصديق بوجوده تعالى وبصدق رسالة نبيّه (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) فحكمته سبحانه لا تقتضي ذلك لأنه خالقهم العالم بهم ، فقد قال القمي : إن الآية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها هلكوا. وعن الإمام الباقر عليهالسلام في هذه الآية : سيريكم في آخر الزمان آيات : منها دابة الأرض ، والدّجال ، ونزول عيسى بن مريم ، وطلوع الشمس من مغربها. وقد روي أن دابة الأرض تخرج من بين الصفا والمروة فتسم المؤمن بأنه مؤمن ، والكافر بأنه كافر ، لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب.
٣٨ ـ (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ ...) الدابة تعني كلّ حيوان يدب : يمشي على الأرض من أي صنف أو جنس كان. فليس من حيوان مخلوق على وجه الأرض (وَلا) من (طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) وقد ذكر الجناحين لأنهما مختصان بالحيوان الذي يسير في الفضاء ولرفع اللّبس عما يعنيه العرب بلفظ الطيران الذي يعني السرعة كقولهم : طر في حاجة فلان ، وذكرهما قيد احترازيّ على كل حال ، فما ذلك كلّه من المخلوقات الحيّة (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) أي أنها جماعات تشبهكم في الخلق والإبداع ، وتدل على قدرة صانعها. وإنما مثّل الأمم من غير الناس بالناس لحاجة الكل إلى مدبّر يدبّرهم في تكفّل أغذيتهم ولباسهم ومسكنهم ونومهم ويقظتهم وهدايتهم إلى مراشدهم ، ولغير ذلك مما لا