المقبول عند الله والرسول وعليه الثواب الجزيل ، وبمثله فليعمل العاملون. وهنا يتجلّى الفرق بين الجبر والاختيار في هذا المورد وكل مورد ، لأن الله سبحانه لهذه الحكمة وغيرها أمر الناس بأحكام وكلّفهم بتكاليف عديدة وخيّرهم في قبولها ولم يجبرهم بشيء إذ لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين وهو الاختيار. وفي الإكمال عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، إن الله قد قضى الفرقة والاختلاف في هذه الأمة ، ولو شاء لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف الناس من هذه الآية ولا ينازع في شيء من أمره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) هذه الجملة يمكن أن تكون من باب : إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، كما أنه يمكن أن تكون في مقام تأديب نبيّه (ص) بأدب الإسلام وإبعاده عن آداب الجاهلية.
* * *
(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩))
٣٦ ـ (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ...) قد أكد سبحانه لنبيّه (ص) أنه لا يستجيب له إلّا الذين يسمعون دعوته بتفهّم وتدبّر ، وأن الذين قد يحرص على إيمانهم ولا يؤمنون هم بمنزلة الموتى الذي لا يسمعون