١٦٥ ـ (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ ...) أي حين ترك أهل أيلة موعظة الواعظين ولم يدعوا ارتكاب المعاصي بصيد السمك يوم السبت (أَنْجَيْنَا) خلّصنا (الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) أي عن المعصية نجّيناهم من العذاب (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) أي شديد سيّء (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) مرّ تفسيره. والعذاب الذي نزل بهم بيّنته الآية الكريمة التالية : إذ قال عزّ من قائل :
١٦٦ ـ (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ ...) أي فحين ظلموا أنفسهم وتكبّروا عن سماع الحق وتمرّدوا فلم يتركوا ما نهاهم الله والواعظون عنه وأبوا أن يرجعوا عن غيّهم (قُلْنا لَهُمْ : كُونُوا قِرَدَةً) جعلناهم قردة بمجرد أمرنا : كن ، فكانوا (خاسِئِينَ) مطرودين مبعدين مرذولين. وفي الآية الشريفة نكتة دقيقة ، وهو أنه سبحانه استعمل لفظة : كن ، ليبيّن أنه ـ عزّ وعلا ـ لا يمتنع عليه شيء إذا أراد. وهكذا صاروا قردة تتعادى ، لها أذناب وبقوا على ذلك ثلاثة أيام ينظر إليهم الناس ، ثم أهلكهم الله تعالى.
أما قصة المسخ ـ هذه ـ فقد قيل إنها حصلت في زمن داود عليهالسلام. وعن ابن عباس قال : أمروا باليوم الذي أمرتم به : يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت فابتلوا به ، إذ أتاهم الشيطان وقال : إنما نهيتم عن أخذها ـ أي الحيتان ـ يوم السبت فاتّخذوا الحياض والشبكات ، ففعلوا ذلك وكانوا يسوقون الحيتان إليها. وقيل إن رجلا منهم أخذ حوتا وربطه من ذنبه بخيط وأبقاه في البحر ثم شدّه إلى الساحل وسحبه يوم الأحد وشواه وأكله فلم ينزل به عذاب ، ففعل ذلك نحو اثني عشر ألفا منهم اعتزلتهم الفرقتان اللتان لم ترضيا بعملهم ، فأصبحوا يوما ولم يخرجوا من بيوتهم ففتحوا الأبواب ونظروا إليهم فوجدوهم قد مسخوا قردة ، فعرفتهم القردة ولم يعرفوا هم منها أحدا ، فقالوا لهم : ألم ننهكم ، فبكوا وأشاروا برؤوسهم : أن نعم. وعن قتادة أن الشبّان مسخوا قردة والشيوخ مسخوا خنازير ، والعياذ بالله من ذلك.
* * *