إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٣ ]

الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٣ ]

208/528
*

بني إسرائيل جميعا ومرتبة هارون أقرب إلى الولاية والإمامة منها إلى النبوّة ، بدليل أنه ردء ، وأنه مستخلف وأنه لا يتلقّى الوحي وغير ذلك من شؤون النبوّة.

١٤٣ ـ (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ...) أي حين حضر موسى (ع) إلى المكان المعيّن في الوقت المقرّر لنكلّمه وننزل عليه التوراة. ولفظ الميقات يقع على الزمان وعلى المكان كما لا يخفى على الحاذق. فإن موسى حين انتهى إلى المكان في الوقت المحدّد (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) سبحانه وتعالى من غير سفير ولا وحي كما كان يكلّم الأنبياء على ألسنة الملائكة. ولا يخفى أيضا أن الكلام عرض لا يتم إلّا بجسم ولذلك سمع كلامه سبحانه من الشجرة التي ذكرها في غير هذا المكان وجعلها محلّا للكلام كدليل على القدرة الربّانية ، وقيل أسمعه كلامه من الغمام والأول أصح لذكره في القرآن الكريم. فحين كلّمه ربّه (قالَ) موسى : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) يعني : أرني نفسك.

وقد اختلف العلماء في وجه مسألته هذه في الوقت الذي هو نبيّ يعلم أنه عزوجل لا يدرك بالحواس.

فقال الأكثرون : إنه سأل الرؤية لقومه ولم يسألها لنفسه ، لأنهم هم الذين قالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الرجفة. وقد جوّز هؤلاء القائلون سؤال موسى لقومه ما يعلم استحالته ليحصل لهم على الجواب الكافي الشافي.

وقال آخرون : إنه لم يسأل رؤية بصرية بل سأل إراءته بعض علائم الآخرة أو غيرها مما يزيل الشكوك ويغني عن الاستدلال ، وذلك كسؤال إبراهيم عليه‌السلام حين قال : ربّ أرني كيف تحيي الموتى. فالرؤية القلبية تفيد العلم واليقين كالرؤية البصرية.

وقال غيرهم : سأل رؤية بصرية لعظمته سبحانه على غير وجه التشبيه.