١٣٤ ـ (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ...) الرّجز : معناه هنا العذاب ، وقد عرضنا لتفسيره اللغوي سابقا. وهذا يعني أنه حين حلّ بهم العذاب مما نزل بهم من الطوفان وغيره مما ذكرناه في الآيات السابقات كالطاعون الذي مات منه سبعون ألفا ـ وكالذي روي عن الإمام الصادق عليهالسلام من أنه أصابهم ثلج أحمر لم يروه قبل ذلك فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله ، فعند ذلك (قالُوا : يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ) أي اطلب منه (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أي بما تقدّم إليك منه أن تدعوه فيجيبك ، أو بعهد النبوّة التي منحك إياها. وعلى هذا تكون الباء في : بما ، باء القسم ، ويكون المعنى : بحقّ ما بعثك به من النبوّة إلّا ما دعوت الله ليزيل عنّا هذا العذاب ، و (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ) أي دفعته عنّا (لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) لنصدّقنّ أنك رسول الله (وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ) نطلقهم من الأسر والخدمة ونجعل أمرهم إليك.
١٣٥ ـ (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ ...) يعني : حينما رفعنا العذاب عنهم إلى وقت مقدّر ومؤجّل هم بالغوه : أي واصلون إليه لا محالة (إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) فإذا بهم ينقضون العهد ويخلفون الموعد. وحينها استحقوا عقاب الدنيا الحقيقيّ قبل عقاب الآخرة ، ووقع عليهم عذاب الله الذي أخبر سبحانه عنه بقوله :
١٣٦ ـ (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ ...) أي فحلّت ـ حينئذ ـ نقمتنا فيهم وجزيناهم بسوء عملهم المتكرر عذابا بالغرق (فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ) أي البحر (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (كَذَّبُوا بِآياتِنا) لم يصدّقوها واعتبروا حججنا كاذبة وقالوا إن معاجز موسى سحرا (وَكانُوا عَنْها) عن آياتنا ودلائلنا (غافِلِينَ) معرضين ، كأنّ عملهم عمل الغافل الذي لم يع ما أنذره به موسى عليهالسلام.
* * *
(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ